الأمم المتحدة: تدهور أوضاع الأُسر الأكثر احتياجاً في لبنان وسط أزمة اقتصادية حادة
في ظلّ أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان منذ عقود، تسببّ في تدهور الظروف المعيشية في البلاد بشكل كبير، تدعو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (المفوضية) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى مواصلة تقديم الدعم والحماية إلى الأُسر الأكثر احتياجاً في لبنان.
تُظهر النتائج الأولية لتقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين في لبنان (VASyR) لعام 2022، الصادرة اليوم، تدهوراً حاداً ومستمراً في الظروف المعيشية لجميع اللاجئين السوريين إذ أن حتى الاحتياجات الأساسية أصبحت بعيدة المنال بالنسبة إلى معظم هؤلاء. تسعون في المائة من اللاجئين السوريين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية للتمكن من البقاء على قيد الحياة.
من نتائج التقييم الأكثر إثارة للقلق هي مسألة الأمن الغذائي بين أُسر اللاجئين السوريين في لبنان.
فبحسب ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القطري في لبنان، عبد الله الوردات، “إن مستويات الأمن الغذائي بين اللاجئين في لبنان مقلقة للغاية. وبفضل الدعم السخي الذي تقدّمه الجهات المانحة، يتمكن برنامج الأغذية العالمي من دعم شخص من أصل كل ثلاثة أشخاص في البلاد. نقدّم المساعدة النقدية والحصص الغذائية والوجبات المدرسية الخفيفة ، كما نقدّم الدعم للأنشطة الخاصّة بحماية سبل العيش في مختلف المناطق اللبنانية.”
كشف تقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين في لبنان (VASyR) لعام 2022 أن اللاجئين السوريين يعمدون إلى تقليص وجباتهم الغذائية، إذ يتناول البالغون كميات أقل للسماح لأطفالهم بتناول الطعام ويقلّلون من الإنفاق على الصحة والتعليم لإعطاء الأولوية لشراء الطعام. كما تراكمت الديون على غالبية عائلات اللاجئين نظراً إلى أن معظمهم يقترضون المال لشراء الطعام. فحوالي 87 في المائة من الأُسر قد صنّفت الطعام على أنه الأولوية الرئيسية لهم، يليه المسكن والرعاية الصحية.
أما ممثل مكتب المفوضية في لبنان، أياكي إيتو، فقد أشار إلى أنه ” بالرغم من ارتفاع أسعار المواد والخدمات الأساسية بنسبة تزيد عن 700% منذ حزيران 2020، لا تزال العائلات في لبنان تكسب أقل بينما تضطر إلى دفع المزيد من المال مقابل السلع الأساسية. تواصل المفوضية والمنظمات الشريكة دعم اللاجئين الأكثر ضعفاً من خلال تزويدهم بالمساعدات الإنسانية. كما تدعم أيضاً المؤسسات العامة، بما في ذلك المستشفيات والبلديات.” وأضاف إيتو أن “هذه المساعدة بعيدة كل البعد عن أن تكون كافية. فثمة حاجة ماسة إلى زيادة المساعدة المقدَّمة إلى اللاجئين والأسر اللبنانية الأكثر احتياجاً، بما في ذلك دعم المؤسسات اللبنانية، لكي توفّر خدمات أساسية بشكل مستدام.”
اللاجئون السوريون الأطفال والمراهقون هم الأكثر تضرراً. فقد أظهر التقييم أن 60 في المائة من الأطفال اللاجئين السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عاماً فقط كانوا يرتادون المدرسة بانتظام في عام 2022، مع انخفاض معدل الحضور إلى أقل من 8 في المائة للمراهقين الأكبر سناً في المرحلة الثانوية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تغذية الأطفال معرضة للخطر، حيث أن أقلّ من نصف أعداد الأطفال الرضّع الذين تقلّ أعمارهم عن خمسة أشهر يعتمدون على الرضاعة الطبيعية فقط و11 في المائة فقط من الأطفال يتناولون الحد الأدنى من عدد الوجبات ومجموعات الطعام في اليوم. كما أن ستة من أصل كل 10 أطفال لاجئين سوريين (من فتيات وفتيان) يتعرضون لأساليب تأديبيّة عنيفة.
وأشار ممثل اليونيسف في لبنان، إدوارد بيجبيدر، إلى أنّ “الأطفال والمراهقين هم الأكثر تضرراً جرّاء هذه الأزمة – مع تفاقم عدم المساواة والتمييز – خاصة بين الفئات الأكثر ضعفاً. فالأطفال ينمون بدون طعام كافٍ ومن دون الحصول على الرعاية الصحية والتعليم المناسب. لا بدّ من تضافر الجهود لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم وضمان قدرتهم على تحقيق أقصى إمكانياتهم.”
في حين أن هذا التقييم يتناول جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين على وجه الخصوص، غير أن المجتمعات اللبنانية تكافح بدورها من أجل مواجهة هذه الأزمات. ستواصل الأمم المتحدة العمل مع الحكومة والجهات الشريكة لتقديم الدعم الحيوي والضروري إلى جميع المجتمعات والفئات السكانية التي تحتاج إلى المساعدة في لبنان.