منوعات

الخيبة والخيانات في زمن الفقر والفساد بقلم الفقير. نادي عاطف

عندما يسقط ثلثا الشعب تحت خط الفقر، وتستمر طبقة فاسدة في ازدياد ثرواتها ونفوذها، فإن هذه الظاهرة لا تمثل مجرد حادث عارض أو سلسلة من الظروف غير المواتية، بل هي تجسيد للخيانة الكبرى التي نعيشها جميعًا. إن الخيانة في هذا السياق لا تقتصر على فعل فردي، بل هي منظومة متكاملة من التواطؤ والتجاهل المتعمد لمستقبل الشعب. إنه النظام الذي استحوذ على ثروات الناس وتركهم في قاع بؤسهم، دون أدنى اهتمام بمصيرهم أو رفاهيتهم.

الفقر في مثل هذه الظروف ليس مجرد نقص في المال أو الموارد، بل هو مظهر من مظاهر الخيانة التي تجسدت في كل جانب من جوانب حياتنا. فالعدالة الاجتماعية لم تعد سوى حلم بعيد، بينما الفساد يُمحى بيدٍ خفية لطبقة حاكمة، لا تتوقف عن نهب خيرات البلد وتوزيعها على من يساهم في استمرار سيطرتها. الفقراء، الذين يُحكم عليهم العيش في دوامة من المعاناة، لا يتلقون سوى الوعود الزائفة التي لا تتعدى حدود الكلام الجاف.

وأسوأ ما في الأمر هو أن هذا الواقع يصبح أكثر مرارة عندما يغلق المجال السياسي والإعلامي، حيث يصبح المواطن مجرد شاهد صامت على مصيره البائس. حينما تُغلق الأبواب أمام التعبير عن الرأي، وتُحارب كل محاولة للتغيير، يُفتح المجال أمام الجماعات المتطرفة التي تجد في الفراغ السياسي فرصة لتعميق نفوذها. في ظل هذه العزلة الفكرية، تصبح الأنظمة الفاسدة والجماعات المتشددة في موضع من القوة التي تتغذى على نفس الفقر الذي تفشى في البلاد.

إذن، الخيانة التي نعاني منها اليوم ليست مجرد ممارسات فردية، بل هي نتيجة منطقية لتعاون خبيث بين قوى تسعى للحفاظ على مصالحها الخاصة بأي ثمن. هؤلاء الذين يتعمدون إغلاق كل أبواب التغيير، ويرفضون منح الشعب فرصة للارتقاء بحياته، لا يخفون خيانتهم، بل يعبرون عنها بوضوح. إنهم الخونة الذين يعيثون فسادًا في كل زاوية من زوايا الوطن، تاركين الشعب يصارع من أجل البقاء في ظل ظروف لا إنسانية.

في هذه اللحظة، يجب أن نعي جيدًا أن الخيانة لا تُقاس فقط بالأفعال الفردية، بل يجب أن نفهم أن الخيانة الكبرى تكمن في هذا النظام الذي يجمع بين الفقر والفساد ليصنع جحيمًا لا يرحم. في زمن كهذا، نحن بحاجة إلى أن نوقظ ضمائرنا، ونقف جميعًا ضد هذا الواقع المهين الذي أصبح جزءًا من حياتنا اليومية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *