عمدةالثقافة في "القومي" تطلق المنتدى الثقافي الافتراضي بمحاضرة للأمين د. يوسفكفرونيبعنوان"يوتوبيا المواطنة وتحدياتها" ـ في نشوء حقوق المواطنة ومسارها ومآلها
أطلقت عمدة الثقافة والفنون الجميلة في الحزب السوري القومي الاجتماعي، المنتدى الثقافي الافتراضي عبر تطبيقZoom ، بندوة تحت عنوان “يوتوبيا المواطنة وتحدياتها” حاضر فيها الأمين الدكتور يوسف كفروني وأدارها عميد الثقافة والفنون الجميلة الدكتورة كلود عطية وحضرها عدد كبير من القوميين والمواطنين.
استهلّ العميد عطية الندوة بقول الزعيم “لا تُعيِّنُ الثّقافَةُ الأمّةَ ولكنَّ درجةَ الثّقافَةِ تكونُ فارِقاً بين أُممٍ وأممٍ”. (نشوء الأمم). وأكد أنّ عمدة الثقافة والفنون الجميلة ستقيم سلسلة من المحاضرات والندوات لتفعيل العمل الثقافي، مشدّداً على أنّ المشهد الثقافي يتطلب درجة عالية من الوضوح والفهم لإعادة هيكلة الجسم الحضاري للأمة بعد كلّ ما أصابها من ترهل. وانّ المنتدى الثقافي هو الخطوة الأولى لصياغة مشروع ثقافي قادر على النهوض بأمتنا إلى مستوى التحديات المصيرية التي تواجهنا، وسيكون داعماً للعمل الثقافي حيث سننطلق بعدة ندوات أولها ندوة اليوم، “يوتوبيا المواطنة وتحدياتها”.
وقال: لكلّ فرد الحق في الحياة والتعبير والاختيار والحرية وغيرها، وقد تمّ سلب هذه الحقوق باسم السلطات الدينية والسياسية او بسبب الجهل والتخلف، فبحث الفرد عن وطن تتجسّد فيه قيم المواطنة بقانون أو دستور أو في مؤسسات… لكن بقيت هذه الحقوق مهدّدة وبقيت يوتوبيا منشودة ونعمل لتحقيقها.
وقال: لكي نحصل على حقوقنا علينا بداية ان نعرفها ونعيها، فما هي هي حقوق المواطنة، والتحديات التي تواجهها، كلّ هذه النقاط وغيرها يتناولها الأمين يوسف كفروني في محاضرته:
استهلّ كفروني محاضرته بالسؤال: لماذا يوتوبيا المواطنة؟ ليؤكد أنّ حقوق المواطنة هي حقوق أصلية طبيعية، فلكلّ فرد الحق بالحياة والحرية والاختيار والتعبير والانتقال وغيرها (…) فإذا كانت حقوق المواطنة تؤكّد على حق الحياة لكلّ فرد، فكيف يمكن ضمان حق الحياة في هذا العصر دون تأمين حق التعليم وحق الوصول إلى المعلومات وحق العمل وحق الطبابة؟
أضاف كفروني: لا مواطنة بدون ديمقراطية، ولا مواطنة في دول تسودها العصبيات الدينية والطائفية والمذهبية، أو العرقية والعشائرية وغيرها من العصبيات.
تُعَرَّفْ المواطنة بالحقوق والحريات الّتي يجب أن يتمتع بها جميع المواطنين بالتساوي، كالحقوق المدنيّة والسّياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة إلخ…
المواطنة هي أساس الرابط الاجتماعي، ففي المجتمع الديمقراطي الحديث لم يعد الرابط بين الأفراد دينياً أو سلالياً وإنما سياسياً. فعيش أفراد معاً لا يعني بالضرورة اعتناقهم ذات الدين أو اشتراكهم في التبعية لذات الملك الحاكم أو خضوعهم لذات السلطة وإنما كونهم مواطنين تابعين لذات النظام السياسي.
وأشار إلى العوامل التي ساهمت في تحقيق المواطنة وتطورها، وهي: النمو الكبير في الصناعة والذي ساهم في إلغاء أشكال التنظيمات القديمة وخصوصية الجماعات المحلية وخلق كتلة جماهيرية واسعة منفتحة على بعضها البعض. ونمو طرق المواصلات الذي سهّل التفاعل بين أبناء الشعب، والتشريع المدني الموح الذي ألغى التمايز القانوني بين أبناء المجتمع وأخضع الجميع لقانون واحد مع ما يعنيه من مساواة قانونية وشعور بالوحدة، اضافة الى التعليم والحريات العامة.
ولفت إلى أنّ الوطن والوطنية والمواطن والمواطنة مفاهيم أبعد من الدلالة اللغوية، فالوطن ليس مجرّد بقعة أرض ومكان نستقرّ فيه كيفما كان، بل يجب أن نضحي من أجله. ان الوطن الذي تحفظ فيه كرامة كلّ فرد وحقوقه، هو الوطن الذي نحافظ عليه لأجيالنا بيئة نظيفة صالحة غير ملوّثة.
والمواطنة هي حقوق متساوية للجميع وحفظ هذه الحقوق، حفظها من التعدي من قبل الآخرين. التعدّي على حق أي فرد هو جريمة يعاقب عليها القانون ولكن الجريمة الأكبر والأخطر هي التعدّي على الحقوق العامة، وما أكثر جرائم الاعتداء على الحق العام ونهب المال العام.
وقال: انّ أنطون سعاده أكد على حرية الأفراد وربطها بحرية الأمة، وعلى المساواة التامة بين جميع أبناء المجتمع دون تمييز على أساس الجنس، أو الأصل، أو الدين أو الطائفة أو المذهب، أو الوضع الاجتماعي. المساواة في الحقوق المدنية والسياسية والقانونية وعلى العدل الاجتماعي والعدل الاقتصادي والعدل الحقوقي. يؤكّد على محاربة النزعة الفردية وعلى التربية المدنية وإعطاء الأولوية للمصلحة العامة وتعزيز الوجدان القومي. ويؤكّد أنّ السلام بين الأمم يكون بترك حرية المصير لكلّ أمة وعدم ممارسة الاستعباد السياسي أو الاقتصادي.
وتابع: انّ الدولة الديمقراطية هي دولة قومية حتماً، فهي لا تقوم على معتقدات خارجية أو إرادة وهمية، بل على إرادة ناتجة عن الشعور بالاشتراك في حياة اجتماعية اقتصادية واحدة. الدولة أصبحت تمثل هذه الإرادة. فتمثيل الشعب هو مبدأ ديمقراطي قومي لم تعرفه الدول السابقة.
يعرّف سعاده الدولة بأنها جمعية الشعب الكبرى، وكلّ فرد من أفراد الشعب مشترك في حياة الدولة هو عضو في الدولة.
ويؤكّد في مقدمة كتابه “نشوء الأمم” على ظاهرة الوجدان القومي الذي يشكل الأساس في ثقافة المواطنة. ويشدّد على محاربة النزعة الفردية التي تمثل التهديد الأخطر لوحدة المجتمع وتعمل على تفكيكه.
ويحذّر من خطر ظاهرة النزعة الفردية المنتشرة في معظم الأوساط، ويعتبر أنّ “النزعة الفردية تقود حتماً إلى عدم الشعور بالمسؤولية. وخطر الاحتلال الأجنبي من الخارج، أما خطر النزعة الفردية على سلامة المجتمع فمن الداخل.”
يطرح سعاده ما يسمّيه الديمقراطية التعبيرية بديلاً عن الديمقراطية التمثيلية، ويقول: إنّ الديمقراطية الحاضرة قد استغنت بالشكل عن الأساس، فتحوّلت إلى نوع من الفوضى لدرجة أن الشعب ذاته أخذ يئنّ من شلل الأشكال التي أخذت على نفسها تمثيل الإرادة العامة. العودة إلى الأساس والتعويل على “التعبير عن الإرادة العامة” بدلاً من “تمثيل الإرادة العامة” الذي هو شكل ظاهري جامد.
يؤكّد سعاده على الأخوّة القومية ويقول: “ما معنى الأخوّة القومية حين أقول لك أنت أخي وأحرمك بالفعل من حقوق الأخوة معي؟ وكيف يمكن أن يكون للأخوّة معنى مع الحرمان للأخوّة؟
“يجب أن نقف في العالم أمة واحدة، لا أخلاطاً وتكتلات متنافرة النفسيات. فيجب تحطيم الحواجز المذكورة لجعل الوحدة القومية حقيقة ولإقامة النظام القومي الاجتماعي الذي يهب الأمة الصحة والقوة”.
يركز سعاده على وحدة المجتمع ووحدة العمل ضمن المجتمع. وعلى دور الدولة في حماية المجتمع والوعي القومي الذي يقضي على التنافر بين عناصر الأمة والناجم عن وضع اجتماعي تتنازعه العصبيات البدائية القائمة على أساس ديني أو طائفي أو دموي. مشدّداً على مفهوم الأخوة القومية وتربية المواطنين على الولاء القومي وإعطاء الاهتمام اللازم لمصلحة المجموع.
انّ الدولة القومية، دولة الأمة هي النظام السياسي والحقوقي الأفضل الذي ظهر حتى الآن، ولا يمكن مقارنته بالنظم السابقة التي كانت تميّز بين المواطنين على أساس الانتماء الديني أو العرقي، والتي تجعل من الدولة إرادة خصوصية ترتبط بفئة ما أو شخص ما. ولا يمكن تصور نموذج أفضل يؤمّن الحقوق ويعبّر عن إرادة المواطنين بطريقة أفضل.
أيّ دولة من الدول المتقدمة لن تساوي بين مواطنيها ومواطني الدول المتأخرة، لذلك فإنّ تصوّر مواطنية عالمية في ظلّ دولة عالمية هو حلم بعيد المنال.
انّ الوصول إلى حقوق المواطنة العادلة لا يتمّ إلا من خلال الدولة القومية التي تساوي بين جميع أبنائها وتؤمّن العدل الاجتماعي والعدل الاقتصادي والعدل الحقوقي.
وأشار في ختام محاضرته الى أنّ البعض يستخدم مصطلح فكر مثالي أو يوتوبي ليشير إلى استحالته أو عدم قابليته للتطبيق. علماً أنّ ما هو قائم الآن في النظم السياسية والاجتماعية، كان ينظر إليه سابقاً بأنه غير قابل للتطبيق.