أخبار لبنان

المطران ابراهيم احتفل بعيد القديس انطونيوس الكبير: اذكروا في صلواتكم فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لكي يحميه الرب، وترافقه العذراء، ويعطيه القديس انطونيوس القوة

احتفل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بعيد القديس انطونيوس الكبير بقداس في كنيسة دير القديس انطونيوس في زحلة التابع للرهبانية اللبنانية المارونية، بمشاركة النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم، الأرشمندريت عبدالله عاصي، الأرشمندريت د. ايلي بو شعيا، الآباء: اليان ابو شعر، طوني رزق، ايلياس ابراهيم، طوني الفحل وادمون بخاش، بحضور رئيس الدير الأب جوزف شربل وآباء الدير وجمهور كبير من المؤمنين.

بعد ألإنجيل المقدس كان للمطران ابراهيم عظة هنأ فيها المحتفلين بعيد القديس انطونيوس وتحدث عن روحانية القديس ومما قال :

” أيها الأحباء،

ارى امامي صورة رائعة جداً، ايقونة للقديس شربل مقابل ايقونة القديس انطونيوس الكبير، والسنة الماضية تحدثت اليكم كيف ان القديس شربل نقل صحراء سينا الى عنايا، هذه عَظَمة مار شربل، وهو استمرارية لهذا النهج الرهباني العظيم الذي غيّر وجه الكنيسة على مدى التاريخ.

في البداية أتوجه بالشكر لقدس الأب الرئيس جوزيف شربل الذي دعاني للاحتفال بهذا القداس الإلهي في هذا العيد المبارك. كما أشكر وأعايد الرهبانية اللبنانية المارونية التي ربتني انتماءً للمسيح ولها.”

واضاف” نلتقي اليوم في هذا العيد العظيم لنحتفل بحياة القديس أنطونيوس الكبير، الذي أضاء وجه الكنيسة بروحانيته العميقة، وشهد من خلال حياته شهادة حية للمسيح، تُلهمنا جميعًا لنعيش إيماننا بعمق ورجاء. أنطونيوس، أبو الرهبان، لم يكن مجرد ناسك اعتزل العالم، بل كان شاهدًا على الله، يتردد صدى صلاته في البرية ويمتد تأثير حياته إلى قلوبنا في هذا الزمن المضطرب.

1700 سنة واكثر مرّوا على حياة القديس انطونيوس وهو ما يزال يلهمنا، ونحن نعيش في حياة مدنية لكنها صحراء قاحلة من كل النواحي تقريباً لأن المدنية لا تستطيع ان تحضّر الإنسان لكن الإيمان هو الذي يجعله حضارياً، يجعله انساناً يحقق انسانيته. الذي كان يعيش في الصحراء حوّلها الى مدينة حقيقية، الى المسكن الحقيقي، اما نحن، مع الأسف، حوّلنا المدن وحوّلنا هذا الوطن الرائع الى صحراء. اين خيرات وجمال لبنان؟ لم ندع شيئاً الا وعبثنا به، لما ندع زاوية الا وزرعنا فيها النفايات.”

وتابع سيادته ” عندما نتأمل في حياة القديس أنطونيوس، ندرك أنه عاش حياة بسيطة في شكلها، لكنها عميقة في معناها. ترك كل شيء ليجد “الواحد الضروري” (لو 10:42)، أي المسيح. لقد كان أنطونيوس يضع قلبه في صميم الوصية الإنجيلية: “اذهب وبِع كل ما لك ووزعه على الفقراء… وتعال واتبعني” (مر 10:21). هذا الاتباع لم يكن مجرد ترك للممتلكات، بل كان اندفاعًا نحو الله، نحو قلبه، حيث يجد الإنسان ملجأه ومعناه.

روحانية أنطونيوس هي روحانية التجرد الداخلي، ليست مجرد ترك الممتلكات، بل تحرير القلب من كل ما يقيده، من مخاوف العالم وأوهامه. يدعونا أنطونيوس اليوم لنفحص قلوبنا: أين هي كنوزنا؟ هل نحن أسرى لماديات زائلة أم أننا نبحث عن الأبدية في علاقتنا مع الله ومع الآخرين؟”

واردف المطران ابراهيم ” في زماننا اليوم، خصوصا في لبنان، حيث يتجاذب الناس بين الألم والرجاء، تأتي رسالة أنطونيوس لتكون منارة. عاش القديس أنطونيوس في زمن صعب، حيث كانت الكنيسة تعاني من الاضطهاد، وكان العالم مضطربًا بالأزمات والانقسامات. لكنه لم يسمح لظروف الزمن أن تهز إيمانه. بل على العكس، اختبر حضور الله في وسط الظلمة، وأصبح رجاؤه قوة تغيير للآخرين.

في لبنان اليوم، حيث الألم يبدو كبيرًا، يدعونا القديس أنطونيوس لنرفع عيوننا إلى السماء، لنثق أن الله حاضر في وسط أزماتنا. ليس رجاؤنا مبنيًا على الظروف الخارجية، بل على الإيمان بأن المسيح هو الراعي الذي لا يترك خرافه أبدًا.”

وعن كيفية عيش روحانية القديس انطونيوس قال ” كيف نعيش روحانية أنطونيوس اليوم؟

الصلاة العميقة والتأمل في كلمة الله: كان أنطونيوس رجل صلاة وتأمل. اليوم، نحن مدعوون لنجد وقتًا يوميًا نصغي فيه لصوت الله، ونتأمل في كلمته التي هي نور لدروبنا وراحة لقلوبنا.

التجرد من القلق والإفراط في الماديات: العالم اليوم يشجعنا على التمسك بالأشياء المادية كمصدر أمان. لكن القديس أنطونيوس يذكرنا بأن السلام الحقيقي لا يأتي إلا عندما نحرر أنفسنا من هذا التعلق ونضع ثقتنا الكاملة بالله.

الخدمة والمحبة العملية: على الرغم من انعزاله في البرية، لم يكن أنطونيوس بعيدًا عن الناس. كان ينزل من حين لآخر ليشاركهم حكمته، وليكون عونًا للمعذبين. في لبنان، نحن مدعوون لنكون أيادي الله الممتدة للآخرين، نخدم المحتاجين ونزرع الرجاء حيثما كنا.

الصبر والرجاء في مواجهة الصعوبات: كما قاوم أنطونيوس تجارب الشيطان في البرية بصبر وإيمان، نحن أيضًا مدعوون لمواجهة تجارب الحياة بقوة الروح القدس، عالمين أن الله يجعل من كل ألم بابًا لنعمة جديدة.

روحانية الأمل: قداسة في عالم مضطرب

لقد عاش أنطونيوس في برية قاحلة، لكنها لم تكن فارغة، بل امتلأت بحضور الله. هذا يعلمنا أن القداسة لا تحتاج إلى ظروف مثالية. بل على العكس، عندما نواجه الصعوبات ونتكل على الله، نكتشف قوة الروح القدس التي تحول البرية إلى واحة، والظلمة إلى نور.

في لبنان اليوم، وفي ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، نحن مدعوون لنستقي من روحانية القديس أنطونيوس القوة لنستمر. لبنان ليس مجرد بلد يعاني، بل هو رسالة، كما قال القديس البابا يوحنا بولس الثاني. رسالتنا كلبنانيين أن نعيش الرجاء وسط الألم، وأن نكون شهودًا لمحبة الله في عالم مجروح.”

وختم المطران ابراهيم ” أيها الأحباء، ادعوكم اليوم في هذا العيد المبارك، عيد القديس أنطونيوس الكبير الذي هو ليس مجرد ذكرى لراهب عاش قبل قرون، بل هو دعوة لنا جميعًا لنعيش إيماننا بعمق. دعونا نتعلم من أنطونيوس كيف نصلي بإيمان، نخدم بمحبة، ونثق بأن الله حاضر معنا، حتى في أصعب الظروف.

ادعوكم اليوم بنوع خاص ان تذكروا في صلواتكم فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي هو بحاجة الى صلواتنا لكي يحميه الرب، ولكي ترافقه العذراء، ولكي يعطيه القديس انطونيوس القوة  لمتابعة مسيرة الخدمة في هذا البلد المحبوب جداً لبنان.

فلنصلِّ معًا اليوم، قائلين: يا قديس أنطونيوس، علمنا أن نثق بالله كما وثقت أنت، أن نعيش ببساطة القلب ونبحث عن ملكوت الله أولًا، ونسلم حياتنا بالكامل بين يديه، لكي نصبح نحن أيضًا شهودًا للرجاء والسلام في عالم مضطرب.”

وفي ختام القداس كانت كلمة شكر لرئيس الدير الأب جوزف شربل قال فيها:

” بإسم كل المشاركين في القداس، وبإسم ابناء الرعية وبإسم جمهور دير مار انطونيوس، يشرفني اليوم ان استقبل وأرحب بسيادة المطران ابراهيم ابراهيم راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك مع الكهنة المحيطين بسيدنا والحضور الكنسي المميز في بيتهم كما شعرنا من كلمة سيدنا ابراهيم، ان محبته وغيرته وعاطفته للرهبنة وهذا الدير مميزة.

نعتبرك سيدنا أخاً واباً كبيراً، مسؤولاً وراعياً للنفوس كلها في زحلة. اشكر الجوقة التي اغنتنا بالأصوات والألحان المميزة، واسمحوا لي ان اشكر اخي خليل عاصي المسؤول الإعلامي في الأبرشية الذي يقوم بتغطية وقائع هذا الإحتفال.

الف شكر سيدنا ابراهيم واهلاً بكم في بيتكم.”

وبعد القداس انتقل الحضور الى صالون الدير حيث تبادلوا التهاني بالعيد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *