أخبار دولية

أصعب أنواع الحكم: إدارة الشعوب غير المثقفة والمقسمة مذهبيًا

بقلم الفقير. نادى عاطف

إن الحكم بحد ذاته مسؤولية شاقة تتطلب قيادة حكيمة ورؤية استراتيجية. ولكن عندما يكون الشعب غير مثقف، ويخضع لتأثيرات مذهبية أو طائفية، يصبح التحدي أكبر وأكثر تعقيدًا. في هذه الحالة، يتحول الحكم إلى مهمة شبه مستحيلة، حيث تزداد الفجوة بين القيادة والشعب، وتتعاظم الانقسامات التي تهدد استقرار المجتمع.

 

لماذا يكون حكم الشعوب غير المثقفة أكثر صعوبة؟

 

1. غياب الوعي السياسي والاجتماعي

الشعوب غير المثقفة غالبًا ما تفتقر إلى القدرة على التمييز بين الحقائق والدعاية، مما يجعلها عرضة للتلاعب من قبل قوى خارجية أو داخلية تسعى لتحقيق أجنداتها الخاصة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى رفض التغيير أو الإصلاح بدافع الخوف أو الجهل.

 

2. التأثير الطاغي للمذاهب الدينية والطائفية

عندما تتحكم المذاهب الدينية أو الطائفية في حياة الأفراد، يصبح التفاهم الوطني والتعايش السلمي أمرًا صعب التحقيق. يتحول الولاء من الدولة إلى الجماعات الدينية، مما يؤدي إلى ضعف المؤسسات الوطنية وانهيار روح المواطنة.

 

3. الاعتماد على العواطف بدلاً من العقل

غالبًا ما تتخذ الشعوب غير المثقفة قراراتها بناءً على العاطفة أو الانتماء المذهبي، بدلاً من التفكير المنطقي أو المصلحة العامة. وهذا يعقّد أي محاولة للحوار أو الإصلاح.

 

4. ضعف القيم المدنية

الثقافة المدنية التي تدعم حقوق الإنسان، الديمقراطية، وسيادة القانون تكون شبه غائبة في مثل هذه المجتمعات، مما يزيد من صعوبة تحقيق العدالة والمساواة.

 

التحديات التي تواجه الحكام

 

1. تعزيز الشرعية

في ظل انقسام المجتمع وتدني مستوى الوعي، يصبح من الصعب على الحاكم كسب شرعية شاملة. قد يُنظر إلى أي قرار إصلاحي أو تغييري على أنه استهداف لمذهب أو جماعة معينة.

 

2. إدارة النزاعات

تتطلب الانقسامات الطائفية والدينية قدرة هائلة على تحقيق التوازن بين مختلف الأطراف دون إثارة المزيد من النزاعات.

 

3. التعامل مع الجهل السياسي

غياب الوعي يجعل الحكام في مواجهة مستمرة مع مفاهيم مغلوطة، وشائعات، وتحركات عاطفية قد تعرقل جهود التنمية والإصلاح.

 

الطريق نحو الحل

 

رغم صعوبة الوضع، إلا أن هناك خطوات يمكن أن تسهم في تخفيف حدة هذه التحديات:

 

1. التعليم والوعي

الاستثمار في التعليم هو الحل الجذري. التعليم لا يقتصر على المدارس، بل يشمل حملات توعية مستمرة لتعزيز التفكير النقدي والانفتاح.

 

2. تعزيز الهوية الوطنية

التركيز على بناء هوية وطنية جامعة تتجاوز الانتماءات الدينية والطائفية.

 

3. الفصل بين الدين والسياسة

يجب أن تكون الدولة محايدة دينيًا، بحيث تضمن حرية الاعتقاد لكنها تمنع استخدام الدين كأداة سياسية.

 

4. تشجيع الحوار المجتمعي

توفير منصات للحوار بين مختلف الفئات لتعزيز التفاهم وبناء جسور التواصل.

 

5. تمكين المؤسسات الديمقراطية

ضمان استقلالية القضاء، الإعلام، والسلطات التنفيذية، بحيث تكون هذه المؤسسات قادرة على حماية الحقوق وتحقيق العدالة.

 

حكم الشعوب غير المثقفة، وخاصة تلك التي تخضع لتأثيرات مذهبية، هو تحدٍّ يحتاج إلى حكمة بالغة وجهود مستمرة من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية. النجاح في هذه المهمة يتطلب رؤية استراتيجية طويلة الأمد، قائمة على التعليم، تعزيز المواطنة، والفصل بين الدين والسياسة. بدون ذلك، ستظل هذه الشعوب عالقة في دوامة الانقسام والتخلف، مما يهدد مستقبلها ومصيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *