أكدت أن التكنولوجيا الذكية تساهم في “رفاهية المجتمع وتحسين جودة الحياة” ندوة في معهد باسل فليحان شددت على حاجة لبنان إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية وتحفيز الابتكار
أكدت أن التكنولوجيا الذكية تساهم في “رفاهية المجتمع وتحسين جودة الحياة”
ندوة في معهد باسل فليحان شددت على حاجة لبنان
إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية وتحفيز الابتكار
أبرزت ندوة “المدن الذكية في العالم العربي والتحول الرقمي” التي نظمتها المكتبة المالية في معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي في بيروت عصر أمس الثلثاء “أهمية التحول الرقمي في لبنان (…) في تحسين جودة حياة المواطنين وتعزيز النمو الاقتصادي”، مشددة على ضرورة وضع “استراتيجية واضحة وشاملة تركز على تحفيز الابتكار والاستدامة، وتحقيق التكامل بين التكنولوجيا والبنية التحتية”.
و استُهلت الندوة التي حضرها ديبلوماسيون ونواب وأكاديميون بكلمة ترحيبية لرئيسة المعهد لمياء المبيّض بساط وأخرى للمدير الإداري والمالي لمعهد باسل فليحان المالي والاقتصادي غسان الزعني ، وتحدث فيها المدير العام لـ”مجموعة أورينت بلانيت” الاستشارية د. نضال أبوزكي الذي لاحط أن العالم العربي يشهد حالياً تطوراً ملحوظاً في مجال التحول الرقمي، مؤكداً أهمية هذا التحوّل والتكنولوجيا الذكية في فتح آفاق واسعة لتعزيز رفاهية المجتمع وتحسين جودة الحياة وزيادة كفاءة الخدمات وتعزيز الاستدامة في المدن العربية.
أبوزكي
وقال د. أبوزكي: إن “المدن الذكية تمثّل مفهوماً متطوراً يهدف إلى توظيف تقنيات المعلومات والاتصالات بشكل فعال لتحسين مختلف جوانب الحياة، وتقديم خدمات أفضل للمواطنين عبر أتمتة المهام الحكومية، مما يسهم في تقليل الوقت والجهد وتحسين كفاءة الخدمات وإتاحة الوصول إليها على مدار الساعة، وبالتالي تعزيز سهولة الاستخدام والمرونة في التعامل معها. كما تساهم المدن الذكية في تحسين جودة الحياة من خلال توفير بيئات معيشية أكثر استدامة وأماناً، ودعم الابتكار والتطور التكنولوجي، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز رفاهية المجتمع.”
وأشار د. أبوزكي إلى مساهمة المدن الذكية “في تنمية وتحفيز الاقتصاد، وخلق فرص عمل جديدة في مجالات متعددة مثل إدارة وتحليل البيانات وتطوير البرمجيات وصيانة البنى التحتية، بالإضافة إلى المتطلبات التي تفرضها الوظائف الجديدة في وجود كفاءات وقدرات بشرية متقدمة، مما يحفز على تطوير مهارات القوى العاملة لضمان مواكبة متطلبات سوق العمل”.
ولفت د. أبوزكي إلى دور التحول الرقمي “في تسهيل وتطوير مجالات التعليم والعمل عن بعد عبر توفير بيئات تعليمية رقمية متكاملة تمكّن الطلبة من الوصول إلى الموارد التعليمية والمشاركة في الفصول الدراسية الافتراضية من أي مكان وفي أي وقت، الأمر الذي يعزز من فرص التعليم للجميع ويتيح التعلم المستمر مدى الحياة. كما تُتيح تقنيات المدن الذكية إمكانية العمل عن بعد بشكل أكثر كفاءة وفاعلية، ممّا يُتيح فرص عمل جديدة للأشخاص الذين يعيشون في مناطق بعيدة عن مراكز المدن الحيوية”.
ونوه د. أبوزكي إلى أن “استشراف مستقبل المدن الذكية في العالم العربي يمثل خطوة متقدمة نحو تحقيق تطلعات المجتمعات العربية في تعزيز النمو المعرفي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي”، لافتاً إلى أن “بعض الدول العربية شـــهدت نماذج رائدة في هذا المجال”، وأن مدن دبي وأبوظبي ومدينة “ذا لاين” في السعودية، و”العاصمة الإدارية” في مصر، ومدينة الرباط في المغرب تعد “من أبرز النماذج العربية في الابتكار في تطوير المدن الذكية”.
وتحدث د. أبوزكي عن أهمية التحول الرقمي في لبنان ودوره المحوري في تحسين جودة حياة المواطنين وتعزيز النمو الاقتصادي، والحاجة إلى بناء حكومة مفتوحة تقدم خدماتها إلكترونياً لتلبي احتياجات وتطلعات المواطنين، مشيراً إلى التحديات التي تواجه لبنان في هذا المجال، أبرزها ضعف البنية التحتية الرقمية، والحاجة إلى الاستثمار في تحسينها وتطويرها لتكون قادرة على دعم التحول الرقمي بشكل فعّال.
وأوضح د. أبوزكي أن التحول الرقمي في لبنان يتطلب تعاوناً بين القطاعين العام والخاص، وبناء قدرات بشرية متخصصة ومؤهلة لضمان نجاح هذا التحول، لافتاً إلى أن تحقيق هذا التحول يتطلب وجود استراتيجية واضحة وشاملة تركز على تحفيز الابتكار والاستدامة، وتحقيق التكامل بين التكنولوجيا والبنية التحتية.
وتطرّق د. أبوزكي إلى تجربة بعض الدول النامية في مجال التحول الرقمي، مسلطًا الضوء على تجربة الهند التي شهدت انتشاراً واسعاً للتقنيات الرقمية واستخدام البيانات. وأوضح أن الهند تمتلك أكثر من 250 مركزًا تقنيًا، مما يعكس النمو السريع لقدراتها التكنولوجية. وأشار إلى أن هذا التحول الرقمي أسفر عن نتائج إيجابية ملموسة على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
كما أشار د. أبوزكي إلى تجربة سنغافورة الرقمية، التي تعد من أبرز الدول النامية التي حققت نجاحًا كبيراً في مجال التحول الرقمي، حيث استثمرت بقوة في بناء بنية تحتية رقمية متكاملة، وركزت على تنمية مهارات القوى العاملة ووفرت بيئة جاذبة للشركات العالمية الناشئة في مجال التكنولوجيا مما ساهم في جذب الاستثمارات العالمية إليها، وتمكنت من خلال استراتيجيات مدروسة واستثمارات ذكية من أن تُصبح مركزًا إقليميًا وعالميًا رائدًا للتكنولوجيا والابتكار. وبلغت قيمة الاستثمار في الشركات الناشئة 16 مليار دولار في عام 2022.
وختم د. أبوزكي حديثه بالتأكيد على أهمية التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق رؤية المدن الذكية. وأضاف: “نحن بحاجة إلى استراتيجيات شاملة ومتكاملة لتعزيز التحول الرقمي في مدننا، وتطوير بنية تحتية تكنولوجية متقدمة. فالمستقبل يحمل لنا فرصًا كبيرة، وسنكون على الطريق الصحيح لتحقيق هذه الرؤية من خلال العمل المشترك والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار.”
الزعني
أما الزعني فرأى في كلمته الافتتاحية أن “التحول الرقمي يلعب دوراً حيوياً كمحرك للنمو المستدام، وعاملاً مساهماً في تعزيز كفاءة استغلال الموارد من خلال التقنيات الرقمية الناشئة وتحليل البيانات المتقدّمة لتوفير خدمات نوعية تُحسّن مستوى النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية وجودة الحياة”.
وأشار الزعني إلى أن معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي أدرج ضمن برامج عمله تنظيم دورات تدريبية وورش عمل وندوات يسعى من خلالها إلى تعزيز معارف المهتمّين من القطاعين العام والخاص والجمهور عامةً بقضايا التحول الرقمي، والتي يمكن أن تكون محفّزاً للنمو والانتقال إلى نماذج عمل جديدة تعتمد التقنيات الرقمية وتُحسّن الخدمات المقدّمة للمواطنين.
الجدير بالذكر أن د. أبوزكي أطلق أخيراً كتابه الجديد بعنوان “المدن الذكية في العالم العربي وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية”، والذي يتناول الأهمية المتزايدة للمدن كمراكز حضرية تواكب المتغيرات المتسارعة المرتبطة بالتقدم الرقمي والذكاء الاصطناعي، كما يستشرف الكتاب مستقبل المدن العربية الذكية، مركّزاً على أبرز التجارب والتكنولوجيات والتقنيات التي تم الاستعانة بها في أنظمة العمل والبنى التحتية، إضافة إلى استعراض بعض المحاولات العربية الطموحة لتطوير هذا المفهوم ومواكبة التقنيات العالمية في هذا المجال خلال السنوات المقبلة.