المطران ابراهيم زار القرية الزراعية النموذجية في بعلبك : انتم فخر ليس للبقاع فقط بل لكل لبنان
زار رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم ترافقه مديرة مصلحة الوقاية في وزارة الصحة العامة جويس حداد عبود، الأب شربل راشد والمسؤول ألإعلامي في الأبرشية خليل عاصي القرية الزراعية النموذجية في مدينة بعلبك العائدة الى الجمعية اللبنانية للتدريب والدراسات، وذلك تلبية لدعوة من رئيس الجمعية الدكتور رامي اللقيس الذي رحب بسيادته والوفد المرافق.
وحضر الإستقبال مدير مركز زحلة للدراسات في الجمعية دريد شريف ومدير مشروع CATRA في زحلة كريستيان الشقية الى جانب مهندسي المشروع.
وتخلل اللقاء عرض مفصل للواقع الزراعي في منطقة البقاع والنشاطات التي تقوم بها الجمعية والنوذج الرائد والمميز التي قدمته بإنشاء القرية الزراعية.
وشرح الدكتور اللقيس لسيادته مراحل نشأة ونمو الجمعية والأهداف التي تعمل من اجلها وهي الحوكمة واحترام القانون وانخراط الشبيبة في العمل الإجتماعي، كما اعطى فكرة عن التعاون مع الجمعيات العالمية والمحلية من اجل تنفيذ المشاريع الهادفة الى انماء المجتمع المحلي، وعن المشاريع التي تنفذها الجمعية في منطقة زحلة.
وكان لسيادة المطران ابراهيم كلمة قال فيها:
” انا سعيد جداً ان اكون معكم اليوم. نحن جميعاً نسعى لكي نرى لبنان في وضع افضل، ونرى اهلنا يعيشون في استقرار وسلام وفرح كما معظم سكان العالم. لبنان بحاجة ليس فقط الى الكلمة، وهي مهمة جداً، بل هو بحاجة الى الفعل، وعندما تقترن الكلمة بالفعل تصبح النتيجة كما نراها لديكم اليوم.
الأحلام التي تحدث عنها الدكتور اللقيس هي احلام لا تنتهي مع شروق الشمس، هي تبتدئ مع شروق الشمس وتشرق معها وتتحقق لدى الناس الذين يحلمون بصدق، والذين يسعون بصدق، والذين يتعبون بصدق. وهذا الحلم الذي تحقق لديكم في هذه القرية الجميلة ، وشعرت لدى دخولي اليها بغمرة من النجاحات مجموعة. طبعاً القرية اخذت وقتاً طويلاً لتصبح على ما هي عليه اليوم، والطريق ما زالت طويلة لأن لبنان بحاجة الى مبادرات ناجحة وجدّية، مبادرات صادقة ويهمها الإنسان اولاً، واكثر شيء يغلب الإنسان ويكسره ويخسره ويفشله هو عقله. عندما يسيطر العقل على حياة الشخص، فهو لا يعود يستطيع ان يتحرر. ربما يجب ان نخلق بيننا وبين العقل هوّة من السلام والهدوء والصمت لكي يبدأ الفكر الداخلي بالعاطي مع العقل، واعتقد ان اكثر ما يعذب الإنسان هو عقله ولذلك علينا تطويع عقلنا لخدمة الروح، خدمة الكيان والجوهر الداخلي لكل انسان. اذا اجتمعت العقول على الخير لا تعود تنغمس بالهدم الذاتي لأنه مع الأسف وراء الشر الذي نراه حولنا في هذا البلد هناك عقول غير صافية، عقول شريرة وسلبية ومبنية على الخطأ، وما يبنى على الخطأ لا يولّد غير الخطأ. لذلك نحن اليوم نفتخر بأشخاص كالدكتور رامي اللقيس وكل العاملين معه، وكل الذين تعبوا عبر السنوات لكي تصلوا الى ما هي عليه القرية اليوم، انتم فخر ليس للبقاع فقط بل لكل لبنان . هناك واحات على امتداد مساحة الوطن، واحات من العطاء والنجاحات، واحات من الصدق واللاطائفية ، وحات من الإنفتاح على كل انسان، وانا اقول دائماً ان الله لا يحتاج احد منا، فالأديان لا تضع الله في مكان حاجة بل في مكان كمال، لذلك كل الأديان تعلن كمال الله، وتمام الكمال فيه ، نحن الذين نحتاج الله، الإنسان هو الدين الحقيقي.”
واضاف” عندما قدمت الى زحلة منذ سنتين لا حظت ان هناك تعبير شعبي يتردد دائماً ” يا ديني ” ، وقلت وقتها للجميع انتم اصبحتم لاهوتيين من دون ان تعرفوا او تقصدوا، اكثر من اللاهوتيين لأنكم اعلنتم ان الإنسان هو “ديني” ، والله يريد منا ان نعلن ان الإنسان هو ديننا لأننا لا نقدر ان نزيد شيئاً على الله . علينا ان نعتنق جميعاً ديناً واحداً هو دين “الإنسان والإنسانية” وان نعمل على تنميتها ، وانا اعتبر ان التنمية اهم من الصلاة وعمل الخير اهم من الركوع، والمحبة العملية المتجسدة اهم من كل الآيات في كل الكتب السماوية . لذلك الوصية الحقيقية هي ان ننفتح على بعضنا ونحب بعضنا البعض ولا يعود هناك مناطق تحمل لوناً مغايراً عن مناطق اخرى الا من ناحية الغنى البشري، لأن لا احد يتفوق على احد الا بالخير وعمل الخير.”
وتابع المطران ابراهيم ” اتمنى تتعمم هذه التجربة الناجحة على كل المناطق اللبنانية، وهذه الإرادة الطيبة والخيّرة والإيجابية تتحول الى خارطة طريق يسير عليها اللبنانيون في كل مناطق الوطن مهما ابتعدت عن العاصمة او عن مركز القرار. لا يجوز ان يكون هناك حدود داخلية وحدود خارجية في لبنان، ونحن لدينا قلق في ما يتعلق بالحدود الخارجية مع الدول المحيطة، لكن انا قلق جداً من الحدود الداخلية التي ترسم بين اللبنانيين بحيث يصبح الوطن اوطاناً والحدود تصبح في منطق الجمع (كثيرة) وليس في منطق الإنفتاح . لا يجوز ان نكون اوطاناً داخل الوطن، فالإنسان اينما كان يصبح وطني، لن يعود هناك طبقية فكرية او دينية او اجتماعية . الكتاب الكبار امثال جبران خليل جبران كتب كثيراً ضد الإقطاع، واليوم يعود الإقطاع عندما اضطهد انا افقير اخي الفقير الذي بجانبي، هذا الإقطاع الفكري والنفسي والإجتماعي يدفعني الى التسلط على من يشبهني، على الأقل مني او الأكبر مني ، هذل الإقطاع الإنساني والفكري خطير جداً . الإقطاع الجغرافي اي مالكو الأراضي الكبيرة، الإقطاع المالي تمدد اليوم على كل الناس، ولدينا في الإنجيل المقدس مثال جميل جداً كيف ان رب عمل اقرض احد العاملين لديه لكن هذا الأخير لم يتمكن من سداد الدين فذهب الى الذي هو اقل منه فلم يعطه الفرصة التي اعطاه اياها رب العمل، فحبسه وجلده وظلمه لكي يأخذ حقه منه، بينما العامل الآخر عفى عنه وقال له ان رحمتك لكنك انت لم ترحم من هو اقل منك فمصيرك هو مثل تصرفك.”
واردف “نحن اليوم في وطن مسؤولون كلنا عن بعضنا البعض، لا يستطيع احد ان يقول انه ليس مسؤول . بالتأكيد نحن بحاجة الى جمعية كالجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب، تجري دراسات بهدف التوعية وتجري التدريب لكي يتطور الإنسان بفكره وبمعاملته مع ذاته،فاذا لم ينطلق من ذاته واحترم ذاته اكثر فلن يستطيع ان ينطلق الى الخارج .”
وختم المطران ابراهيم” انا اشكركم بإسم كل الذين استفادوا منكم، بإسم هذا الوطن المتألم لكن المتألق بأبنائه بالرغم من كل المآسي،وانا دائماً اقول وأردد ان الغزاة والفاتحين عبر تاريخ هذا البلد السابق للتاريخ، لم يكونوا اغبياء، كانوا اذكياء وكانوا يعرفون ان اغنى بلد في العالم هو لبنان، لذلك كانت انظارهم دائماً عليه، ولذلك كان هذا البلد اقل بلد في العالم تمتع باستقلاله، ولذلك نحن لدينا قلاع من حضارات مختلفة بما فيهم القلعة العظيمة بعلبك، ولا نستطيع ان نكون بجانبها ولا نذكرها والا نقول اننا جميعاً شموعاً على ادراجها كما قالت السيدة فيروز، وانا اتمنى ان اذوي كشمعة على ادراج هذا البلد العظيم لبنان.”
اللقيس
كما كانت كلمة لرئيس الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب الدكتور رامي اللقيس شكر فيها المطران ابراهيم على تلبية الدعوة وقال :
” تشرفت بعلبك اليوم بحضور سيادتكم والقرية الزراعية تباركت بخطواتكم . نحن كبرنا جداً بهذه الزيارة ، وبعد اللقائين الذين جمعانا بسيادتكم جعلانا نتمنى ان كل شخص في موقع المسؤولية او موقع قرار يحمل هذا الفكر والحس الإنساني الذي تحمله في شخصك الكريم. ومجرد دليل بسيط على مسؤوليتك الوطنية والإجتماعية هي زيارتك اليوم، فالذ يقف مع الخير يكون خيّراً، والذي يقف مع الإنسانية يكون معطاءً وانسانياً.
شرف كبير لنا ان تكسبك الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب كراعٍ وصديق دائم لأعمالها، شعارنا هو خدمة الإنسان والمجتمع ونمارسه انما نبقى بحاجة الى بركة سيادتكم وتوجيهاتكم في هذا الموضوع. وانشاءالله الشراكة التي سنبدأها قريباً تستمر لفترة طويلة من الخبرة التي يمكن ان نضعها بتصرف اهلنا في كل مناطق البقاع، وان تكون هذه الشراكة مجالاً لإنفتاح فعلي لم تشهد مثيلاً له منطقة البقاع من قبل .
من جديد نرحب بسيادتكم ، والقرية الزراعية والجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب هي بأمانتكم كما هي بأمانتنا وانشاءالله نكون عند حسن ظنكم في المشاريع التي سننفذها في منطقة زحلة والبقاع.
كل الشكر لتلبيتكم دعوتنا ، واعتباراً من اليوم نعتبركم يا صاحب السيادة صاحب الدار ونسير حسب توجيهاتكم ، اهلاً وسهلاً ” .
وجال المطران ابراهيم في الأقسام المختلفة في القرية ، من قاعة المحاضرات الى مركز التخييم والسوق الذي تعرض فيه منتوجات الجمعيات الزراعية، حضانة الأطفال والملاعب المخصصة للأطفال، كما تفقد سيادته المشتل الزراعي الذي ينتج الشتول حسب المواصفات العالمية، ومزرعة المواشي وبيت النحالين الذي يساعد في انتاج العسل بأجود نوعية.
كما زار المطران ابراهيم برفقة الدكتور اللقيس معمل الأجبان والألبان العائد للجمعية واستمع من المسؤولين الى شرح مفصل عن العمل والمعدات الحديثة الموجودة فيه والمختبر المتطور لفحص الحليب والتأكد من سلامة المنتجات، وابد سيادته اعجاباً شديداً بما شاهد من تنظيم وقة في تنظيم العمل.
وفي ختام الزيارة اقام الدكتور اللقيس مأدبة غداء على شرف المطران ابراهيم والوفد المرافق في مطعم القرية الزراعية.، وجرى الإتفاق على تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية في مدينة زحلة والجوار ستبصر النور قريباً جداً.