رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أكّد:”نحن نتابع مسار التحقيق في موضوع جريمة اغتيال الياس الحصروني، والمسألة ليست اتهاماً سياسياً”
أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أنه “في موضوع جريمة اغتيال الياس الحصروني، المسألة ليست اتهاماً سياسياً، فنحن نتابع مسار التحقيق مع الأجهزة الأمنية في شكلٍ يومي، وكل المعطيات التي نتحدّث عنها ترتكز على ما بَلَغَتْه التحقيقاتُ حتى الساعة. وحين تحدثتُ في قداس شهداء المقاومة اللبنانية عن أن 4 سيارات شاركتْ في تنفيذ الجريمة، واحدة أتت من بنت جبيل، وثانية من عيتا الجبل، وثالثة من برعشيت والرابعة من حانين، فهذه المعلومات هي مما توصلتْ إليه التحقيقات”.
جعجع، وفي مقابلة له مع صحيفة “الراي الكويتيّة”، لفت إلى أن “المشكلة الآن تكمن في أن “حزب الله” لا يسمح للأجهزة الأمنية بالذهاب أبعد والتعمّق في التحقيقات واستدعاء واستجواب أشخاص محدَّدين. وتالياً فإن الأمرَ، إلى جانب المعطيات الأخرى التي ظهرتْ، لا يتعلّق باتهامٍ سياسي للحزب، بمقدار ما أنه هو بسلوكه مَن يدلّ بالإصبع على نفسه، فمجموعة الأدلة الموجودة تشير بوضوح إلى “حزب الله”.
وما الخيارات المتاحة أمام “القوات اللبنانية” وهل يَلقى هذا الملف تالياً مصير سواه من قضايا الاغتيال؟ أجاب جعجع: “ليس متاحاً دائماً إحقاق العدالة، فعلى الأقلّ أن يَظْهَر الحزب -الذي يغطي نفسه ويخبىء ارتكاباته بمساعدة البعض – أمام اللبنانيين على حقيقته بأنه هو الذي لا يترك الدولة تعمل وخصوصاً في بعض الجرائم إذ يمنع بلوغَ التحقيقات فيها خواتيمها”.
وفي موازاة الأبعاد الأمنية الخطيرة لجريمة عين إبل، فإن ملفاً آخر لا يقلّ حساسية ويتصل بالنزوح السوري في ضوء مؤشراتٍ إلى أن لبنان على أعتابِ موجةٍ جديدة عارمة من النزوح، وسط تقارير يومية عن تسلُّل أعداد كبيرة عبر الحدود غير الشرعية وصولاً إلى تحذير وزير المهجرين من مليون نازح محتمَل. وسئل رئيس “القوات” في أي سياقٍ يمكن وَضْعُ ذلك؟ وما المطلوب لمواجهة هذا المسار؟ وهل من قطب مَخْفية فيه؟ فردّ جعجع: “ليس مفيداً الغرق في تحليلاتٍ حول خلفيات مفترَضة لهذا التطور في ملف النزوح. فالأكيد أن الوضع في سورية الأسد لا يُطاق، ولهذا فإن الشعبَ السوري يجد نفسه مضطراً لـ “يهجّ” في جهات العالم الأربع، ولبنان، الذي يتاخم سورية، أحد هذه الوجهات. والمطلوب من الأجهزة الأمنية اللبنانية والسلطات القضائية المعنية اتخاذ تدابير إجرائية حازمة، منصوصٌ عنها في قانون العقوبات، لمعالجة هذا الوضع ومَنْع تفاقُمه”.
وأضاف: “على وزارة الدفاع بالدرجة الأولى مسؤولية قفل المعابر غير الشرعية بوجه أي موجة جديدة، وعلى الأمن العام في هذا الإطار أيضاً مسؤولية في ضبْط المعابر الشرعية. أما المسؤولية الأكبر فتقع على وزارة الداخلية. فإذا تمكّن السوريّ من التسلل إلى لبنان، ففي النهاية لا بد من أن يصل إلى مكانٍ ما أي إلى بلدة. وما من منطقة إلا وفيها مخفر ومختار وسكان. وهنا دور “الداخلية” بأن تطلب من قوى الأمن الداخلي، في شكل واضح وحازم، أن أي نازح سوري جديد يُرصد في قرية أو منطقة، يجب أن يُعتقل وتتم إعادته إلى الأراضي السورية. والأهمّ أن يوعَز إلى المخافر بأن تسجّل محاضر ضبط وتحويل على القضاء لكل لبناني يستقبل أو يأوي أو يؤمّن عملاً لأي قادِم جديد من سورية، إضافة الى وجوب ملاحقة اللبنانيين الذين يساعدون في عمليات التهريب. وإذا قمنا كلبنانيين بواجبنا في هذا الإطار، عبر وزارتيْ الدفاع والداخلية وقوى الأمن الداخلي والسلطات القضائية، لن يعود في وسع أحد دخول لبنان، وإذا تَسَلَّل يُصار الى توقيفه وإعادته”.
وعندما قيل له: هذا حلّ لوجستي إداري تقترحه، في حين أن ثمة في لبنان مَن يدعو لفتح حوارٍ مباشر وتنسيق مع النظام السوري لحلّ المشكلة، في موازاة ذهاب آخَرين أبعد عبر المطالبة بالتحرك في اتجاه المجتمع الدولي على قاعدة أن لبنان على مشارف أن تنفجر فيه قنبلة النزوح وتالياً خفِّفوا الضغوط عن الرئيس بشار الأسد، ردّ جعجع: “أي دعوة للتداول في هذا الملف مع الأسد هي على طريقة “داوِني بالتي كانت هي الداء”. فرئيس النظام السوري هو المشكلة، وفي الأساس لا يسيطر على الوضع في بلاده، ويريد أصلاً أن يفرّغ سورية من أكبر عدد من أحد مكوّناتها المذهبية في سياق تغييرٍ ديموغرافي يحقق ما يعتقده تَوازناً، وتالياً هو يتمنّى لهؤلاء أن يغادروا سورية. والتجربة أثبتت أن الكلام مع بشار الأسد لا ينفع. وهل نسينا ما الذي حصل عقب القمة العربية الأخيرة في الرياض التي شارك فيها، وكيف أنه عوض الوعود التي أعطاها بأن يعقل ويتعاون ويبدأ بإطلاق مسار الحل السياسي، كانت النتيجةُ مزيداً من الكبتاغون والتهريب وزرْع الفوضى في المنطقة. وصدَق مَن قال “لا تجرِّب المجرَّب”.
وأضاف: “أما الداعون للتوجه الى المجتمع الدولي، فهذا أيضاً لن يفيد. فالقضية وحلّها في يدنا كلبنانيين عبر اتخاذ الإجراءات التي سبق أن أشرتُ إليها، بين وزارات الدفاع والداخلية والعدل، وهكذا يمكن قفل الملف نهائياً”.
وسئل رئيس “القوات”: “ألا تعتقدون أنكم تخطئون أولاً بالإمعان في الظهور تجاه الداخل والخارج كأنكم “رفْضيّون” لأي حوارٍ رغم ربط دعوتيْ بري ولودريان بجلسات مفتوحة للانتخاب، وثانياً بالمجاهرة بأنكم لا تمانعون فراغاً لسنوات؟ فأجاب: “المجاهرة بأننا لا نمانع الفراغ ولو استمرّ لسنوات هي في حال كان يُراد أن يصل مرشح الممانعة، لأنه عندها سيكون “على لبنان السلام”. فقد رأينا ماذا حلّ بالبلد في الأعوام الستة التي تولى فيها الرئاسة رئيس من “الممانعة”، وإذا وصل مرشّح من الفريق نفسه هذه المَرة، فهذا سيكون بمثابة خطرٍ على وجود لبنان. ومن هنا كان الموقف بأنه بين هذا الخطر وبين الفراغ الحالي، الأفضل أن نبقى على ما نحن حالياً”.
وأضاف: “أما في ما خص الشق الأول من السؤال، فنحن لسنا في عزلة محلية ولا شعبية ولا دولية. والجميع يعرفون حقيقة ما يجري في موضوع الحوار. فالرئيس بري شاطر في “البهلوانيات”. والسؤال الأساسي هو: الحوار حول ماذا؟ لبنان يعيش فراغاً في سدة الرئاسة يقترب من إنهاء عامه الأول، وهذا يُعالَج بالانتخاب وفق ما ينص عليه الدستور. أما الحوارات التي ينبغي أن تواكب الانتخابات الرئاسية، فحصل الكثير منها، وكانت كلها في الكواليس والغرف المغلقة، في محاولةٍ للوصول الى مرشح وسط، ولكن بلا طائل. مع العلم أن الحوارات الثنائية أكثر جدية بكثير من مسرحية فضفاضة، يختلط فيها الحابل بالنابل ولا توصل إلى مكان، على غرار ما آلت إليه كل الحوارات السابقة”.
وتابع: “من هنا أعتبر أن دعوة الرئيس بري للحوار هي إمعان في تعطيل الانتخابات الرئاسية، وفيها نقطة أساسية لا بد من التوقف عندها وتتصل بجلسات الانتخاب المتتالية التي أعلن أنه سيدعو إليها. وهذا يعني المراوحة في المكان عيْنه، أي استجرار ما حصل على مدى الجلسات الـ 12 السابقة، إذ يفتح الرئيس بري الجلسة ويقفل المحضر في نهايتها أي بعد تطيير النصاب ثم يعود ليفتح جلسة ثانية ولو في اليوم نفسه، ما يعني الإبقاء على حاجة الرئيس كي يُنتخب لأكثرية 86 صوتاً (في الدورة الأولى)، والجميع يعرفون أن أي مرشح لن يحظى بهذه الغالبية، في حين أنه في الدورة الثانية وما بعد لا يحتاج إلا إلى 65 صوتاً”.
وقال: “هناك سؤال مفصلي في موضوع الحوار، ومفاده لماذا ساهم الرئيس بري على مدار كل الجلسات السابقة في تعطيل النصاب، ولماذا لم تكن كتلته تبقى للدورة الثانية وما بعد وفق ما تقتضيه الأصول والدستور، ولماذا لا يريدون ترْك الانتخابات الرئاسية تسلك مسارها الدستوري الواضح؟ الجوابُ لأنهم ببساطة غير قادرين على إيصال مرشحهم. وما زلنا عند هذه النقطة، ولكن لأنهم يريدون تخفيف ضغط المجتمع الدولي والداخل وردّ التهمة المتلبّسين بها بأنهم يعطّلون الانتخابات، كانت مبادرة الحوار من ضمن ألاعيب معتادة لذرّ الرماد في العيون وحرْف الانتباه عن عدم الدعوة إلى جلسات انتخاب، بهدف أخْذ كل الاستحقاق في الاتجاه الذي يريده فريق الممانعة”.
وأكد جعجع أنه “من هذا المنطلق لم نعد نقبل بأن تكمل الأمور كما كانت عليه في الأعوام العشرين الماضية”، وقال: “لن يُخْرِجَنا مما نحن فيه إلا استقامة العمل بدءاً بالمؤسسات الدستورية وفي طليعتها البرلمان. ومن هنا لسنا بحاجة لألاعيب “شمال يمين”، بل للدعوة إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية. وكل شيء آخر هو محاولات إلهاء لن نشارك فيها وتضييع للبوصلة وضحك على الذقون”.
وإذ قال: “كم من الجرائم تُرتكب بحقك أيها الحوار”، كشف أنه في الأيام الماضية جرتْ حواراتٌ جدية بين كل أفرقاء المعارضة ومع الحزب التقدمي الاشتراكي، وبين “حزب الله” والتيار الوطني الحر، وبين أفرقاء المعارضة والتيار، وبين المعارضة وتكتل الاعتدال الوطني، أي الكل مع الكل وهذا هو الحوار في ذاته ولم يوصل إلى نتيجة. أي أن الحوارات الجانبية في الكواليس والغرف المقفلة مستمرّة. وبمعزل عن نتائجها المطلوب أن يكف الرئيس بري عن تعطيل البرلمان والانتخابات الرئاسية”.
وحين قيل له: ثمة انطباع بأن الرئيس بري ومن خلال دعوته للحوار يُحْرِجُ بعض الأطراف، قاطع قائلاً: “صحيح، هذا هو الهدف من الدعوة للحوار أي إحراج بعض الأطراف”.
وسئل جعجع، ألن يساهم ذلك في إظهار رافضي الحوار كأنهم أقلية في المعارضة، وهو ما قد تكون له تبعات على قياس الأوزان في الاستحقاق الرئاسي بجولاته المقبلة؟ فأجاب: “هذا ليس رأيي. فالجميع يعرفون حقيقة الوضع، وكيف أن كتل فريق الممانعة هي التي تعطّل الجلسات في كل مرة، وتالياً يدركون خلفيات دعوات الحوار. ووصلْنا الى مرحلةٍ لم يعد ممكناً معها أي مسايرة، واخترنا أن نقول الأمور بالصوت العالي كما هي. والخطوة المطلوبة اليوم أن يستقيم العمل في البرلمان من خلال دعوة الرئيس بري لجلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية إلى أن يتم انتخابُ الرئيس، وهذا ما ينص عليه الدستور”.
وسئل: التقيتُم السفير الفرنسي الجديد قبل أيام من الموعد المفترض لعودة لودريان … هل تَبدَّد ارتيابكم من كيفية إدارة الموفد الفرنسي لمهمته ولماذا لم يكن تصويب الرئيس ايمانويل ماكرون على إيران وتدخّلها السلبي في لبنان كافياً لكم لاحتضان مبادرة مبعوثه الشخصي؟ فأجاب جعجع: “ننظر إلى فرنسا دائماً بصفتها دولة صديقة، وستبقى كذلك. وقد حاول بعض الإدارة الفرنسية أن يذهب في اتجاهٍ معين في ما خص الاستحقاق الرئاسي في الأشهر الستة الماضية عبر سلوك الطريق الأقرب الذي لم يكن الأفضل. وتالياً انطباعي وفق ما لمستُه من السفير الفرنسي الجديد أن باريس ليس لديها مرشح معيّن ولا طريق واحدة تصرّ عليها. بل الإدارة الفرنسية تريد أن تحضّ كل الأفرقاء اللبنانيين على تَحَمُّل مسؤولياتهم وانتخاب رئيس، لأن البقاء في الفراغ لا يجوز. وكانت الآراء مع السفير الفرنسي متطابقة في هذا الشأن”.
وختم: “مهمة لودريان في بيروت ستأتي في السياق نفسه أي حض اللبنانيين على إنجاز الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت، أما بأي طريقة؟ فهذا يعود إليهم”.