المرتضى من مستشفى بعبدا الحكومي: نغم الموسيقى الراقية دواء ألمٍ بمقدار ما هو دُعاءُ أمل. وهل أجملُ من أن ينزلَ هذا النغم إلى عمقِ أعماقِ الجراح محاوِلا أن يشفيها
أكد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى:”أن الثقافةَ ليست ترفًا ولا رفاهيةً ولا تعاطيًا منعَّمًا مع أشياء الكونِ المادية وغير المادية، بل هي الحياةُ بكلِّ تجلياتِها السعيدةِ والحزينة، الراجيةِ واليائسة، المكتفيةِ شِبَعًا والمتضوِّرَةِ من جوع… إلى آخر ما تحملُ قواميسُ الدنيا من أوصافٍ مترادِفاتٍ ومتناقضات.
وأضاف:”وليسَ أدَلَّ على صحةِ ما أقول، من حفلٍ ثقافي راقٍ في وطنٍ تتنازعُهُ الأزماتُ، ويعصفُ بمؤسساتِه الفراغُ والشقاق، ويتحاورُ شبابُه على الشاشات بالقبضاتِ والحناجرِ العالية. هنا في السكينةِ تحت ضجيجِ الهُتافاتِ والأزمات تتعملقُ حركةٌ ثقافيةٌ وتنمو أدبًا وفنًّا جميلًا، وموسيقا وأفلامًا ومسارحَ، وسوى ذلك من مساحات الإبداع والرقي.
كلام الوزير المرتضى جاء خلال رعايته الحفل الموسيقي في مقر مستشفى بعبدا الحكومي الجامعي بحضور وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور فراس ابيض ورئيسة” الكونسرفتوار الوطني ” الدكتورة هبة القواس الداعية للحفل بالتعاون مع المدير العام للمستشفى فريد صباغ وحشد من الفعاليات والهيئات الثقافية والاجتماعية .
ومما جاء في كلم الوزير المرتضى:”
في بعضِ النظريّاتِ أنَّ الثقافة بِضاعةٌ مرفَّهة، لا تتداولُها إلا المجتمعاتُ السليمةُ التي تعيشُ الطمأنينةَ والتطور. ويستشهدُ القائلونَ ذلك، بأحداثٍ تاريخية تدهورت خلالها دولةٌ ما، فتدهور بالتبعية المستوى الثقافي لدى مواطنيها.”
وقال :”أنا في الحقيقة لا أميلُ إلى هذا القول الذي أرى فيه خَلْطًا بين الثقافة والحضارة، وهما مصطلحان يختلف واحدُهما عن الآخر، وذلك مَبْحَثٌ يطولُ ويخرجُ عن إطارِ هذه العشية، لكنني لا أرى بدًّا من افتتاحِ كلمتي بالإشارةِ إلى أن الثقافةَ ليست ترفًا ولا رفاهيةً ولا تعاطيًا منعَّمًا مع أشياء الكونِ المادية وغير المادية، بل هي الحياةُ بكلِّ تجلياتِها السعيدةِ والحزينة، الراجيةِ واليائسة، المكتفيةِ شِبَعًا والمتضوِّرَةِ من جوع… إلى آخر ما تحملُ قواميسُ الدنيا من أوصافٍ مترادِفاتٍ ومتناقضات.”
وتابع المرتضى :”وليسَ أدَلَّ على صحةِ ما أقول، من حفلٍ ثقافي راقٍ في وطنٍ تتنازعُهُ الأزماتُ، ويعصفُ بمؤسساتِه الفراغُ والشقاق، ويتحاورُ شبابُه على الشاشات بالقبضاتِ والحناجرِ العالية. هنا في السكينةِ تحت ضجيجِ الهُتافاتِ والأزمات تتعملقُ حركةٌ ثقافيةٌ وتنمو أدبًا وفنًّا جميلًا، وموسيقا وأفلامًا ومسارحَ، وسوى ذلك من مساحات الإبداع والرقي.”
مردفا :”ولقد كان ينبغي لهذه الصورةِ البهية للثقافةِ إطارٌ جميل نُعَلِّقُها به على حائطِ الوطن. ولقد كان ينبغي لهبة القواس وأعضاءِ الفرقة أجمعين من عازفين ومغنين وتقنيين، أن يصنعوا لها إطارًا جامعًا كتختٍ موسيقيٍّ يضمُّ آلاتٍ عديدةً إلى رونقِ اتّساقٍ وتناغم، فإذا بهم يختارون الإطارَ الاجتماعيَّ الوطنيَّ الذي همُّه الفقراءُ… وصحةُ الفقراء. وإذا بهم يقررون أن تكون غايةُ هذا الحفل مداواةَ وجعٍ وسعيًا إلى شفاءِ مريض. هكذا صارت عندَهم ريشةُ العودِ مِبْضَعَ طبيب، ونغمةُ الأوتارِ مَرهَمًا يُلطِّفُ، وصوتُ الغِناءِ دواءَ ألمٍ بمقدار ما هو دُعاءُ أمل. وبعدُ، هل أجملُ من أن تنزلَ الموسيقا إلى عمقِ أعماقِ الجراح محاوِلةً أن تَشْفيها؟؟”
وتوجه المرتضى بكلامه الى وزير الصحة بالقول:”معالي الوزير الصحةُ ثقافةٌ قبل أن تكون مرضًا وعلاجَه.
والثقافةُ صحةُ الحضارة وعلامةُ قوةِ بنيتِها، قبل أن تكونَ رفاهيةً نخبوية.
هذه العلاقةُ الجدلية بينهما، والتكاملُ في مواجهةِ جميع الأمراض الجسدية والحضارية، جسَّدَتْها مقولةٌ شعبية لا نزال نردِّدُها جيلًا بعد جيل هي: العقلُ السليم في الجسمِ السليم.”
وختم كلامه :”اليوم جئنا إلى هنا بمقولةٍ ثانية تكملُ الأولى ولا تنقضُها مفادُها أنه يمكن الاعتمادُ على الأعمال الثقافية الراقية لإيجاد وسائلَ تعالجُ الحاجات الإنسانية في مجتمعنا الذي يعاني أمراضًا كثيرة.
عشتم عاشت الثقافة وعاش لبنان