شمعون لـ”القدس العربي”: نفوذ حزب الله يتمدد إلى المخيمات الفلسطينية.. وإذا جلس الجميع إلى “طاولة عمل لودريان” قد نشهد رئيساً
بيروت- “القدس العربي”:
اعتبر رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” النائب اللبناني كميل شمعون “أن الحقائق ظاهرة للعيان في جريمة انفجار مرفأ بيروت لكن المطلوب هو التعتيم على هذا الملف وطمس الحقيقة لأن تحديد المسؤوليات قد يطال جماعات مؤثرة في الداخل ودولاً نافذة”.
ولفت شمعون إلى “أن النيترات أتت إلى المرفأ من خلال مسرحية الباخرة التي تعطلت”. وقال: “ما نشهده اليوم في مخيم عين الحلوة، مروراً بأحداث مخيم نهر البارد في أيار/ مايو 2007، التي نخشى تكرارها، يضرّ بالقضية الفلسطينية بالدرجة الأولى، مشيراً إلى “أننا نلاحظ تمدُّداً لنفوذ حزب الله بالمال والسلاح، عبر الجماعات الإسلامية الفلسطينية المتشددة إلى داخل المخيمات”.
وفي الشأن الرئاسي، تمنى شمعون “لو أن أولويات جبران باسيل تكون اليوم، ولو لمرة واحدة، لمصلحة البلد ولمصلحة المسيحي الذي يدّعي أنه يعمل لاستعادة حقوقه، وليس لمصلحته الشخصية”، قائلا: “بعدما خبرناه، نعرف أنه يبيع كل شيء وينقلب على أي كان لبلوغ غاياته”، ورأى أنه “إذا وافق الجميع وجلسوا على طاولة عمل لودريان يمكننا أن نشهد انتخابَ رئيس للجمهورية، وإلا فأمد الفراغ سيطول”.
وفي ما يلي الحوار الذي أجرته “القدس العربي” مع النائب كميل شمعون:
في ذكرى تفجير مرفأ بيروت أين أصبحت العدالة والحقيقة؟ ومن يتحمل مسؤولية عرقلة التحقيق؟
– كلُنا يعرف أين أصبحت العدالة. العدالة كما الحقيقة في الأدراج. دعني أقول لك إن العدالة في لبنان مُستباحة منذ ما قبل 4 آب. فمسلسل الاغتيالات، كما نهب أموال المودعين في المصارف وغيرها من الجرائم، لم يصل التحقيق القضائي بشأنها إلى نتيجة، مما يدل على أن العدالة غير موجودة، للأسف. مسؤولية عرقلة التحقيق تقع على عاتق القضاة، وعلى السياسيين الذين عيّنوهم. ولذا فالعدالة لن تتحقق، إلا بحال وجود إرادة وضغطٍ جديين من المجتمع الدولي، كما حُكي في الاتحاد الاوروبي لجلاء الحقيقة، لأن تحديد المسؤوليات قد يطال جماعات مؤثرة في الداخل ودولاً نافذة.
هل تكشّفت أية معلومات لديكم عمّن أتى بنيترات الأمونيوم إلى المرفأ، ومن غطى بقاءها طيلة هذه السنوات، ومن تولى تفجيرها؟
– النيترات أتت إلى المرفأ من خلال مسرحية الباخرة التي تعطلت، وأبقت حمولتها من المواد المتفجرة في المرفأ. بطبيعة الحال المستفيدون من استعمالها هم من أتوا بها. الحقائق ظاهرة للعيان، لكن المطلوب هو التعتيم على هذا الملف وطمس الحقيقة. فالإصبع كان يجب أن يدل على المسؤولين الذين كانوا على علم بوجود هكذا مواد خطرة على مدى سنوات طوال في قلب منطقة سكنية وسط العاصمة، وبالتالي فالملاحقات القضائية كان يجب أن تتم على هذا المستوى. لكن ما جرى كان إطلاقاً لسراح كل المسؤولين الذين كانوا موقوفين على ذمة التحقيق، وتوجه السؤال إلى صغار الموظفين ولم يطل المسؤولين الأعلى في الدولة.
في عزِّ موسم السياحة اندلعت اشتباكات بمخيم عين الحلوة، كيف تقرأ ما يجري، وهل من دور لحزب الله برأيك؟
– السلاح المُتفلت داخل المخيمات كان دوماً مصدراً للنزاعات، حتى إنهُ وُجِّه في فترة معينة ضد الشعب اللبناني. والصراع الذي نشهده اليوم داخل مخيم عين الحلوة هو أقرب إلى حرب تصفية بين الفلسطينيين أنفسهم وكأن قضيتهم لم تعد موجودة. نحن نلاحظ تمدداً لنفوذ حزب الله بالمال والسلاح، عبر الجماعات الإسلامية الفلسطينية المتشددة، إلى داخل المخيمات. لذا أبدينا خشيتنا من تعقيد الأمور، ومن أن يتحول لبنان مرة أخرى إلى ساحة للصراعات الإقليمية، التي نحن بغنى عنها.
هل تعتقد أن هناك من يريد إضعاف حركة فتح في المخيمات لصالح تنظيمات أخرى متشددة؟
– لقد توقفنا في اجتماع المجلس الأعلى لحزب الوطنيين الأحرار عند موضوع هذا التناحر في ظروفه وتوقيته في عزِّ الموسم السياحي، واعتبرنا أنه يندرج ضمن إطار صراع إيراني- عربي للسيطرة على المخيمات في لبنان وإخضاعها، كمقدمة لإمساك الإسلاميين بالورقة الفلسطينية.
أين الدولة اللبنانية مما يجري، وكيف عليها أن تتصرف؟
– دعني أقول إن جدّي الرئيس الراحل كميل نمر شمعون، دافع بشراسة عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، فنال لقب “فتى العروبة الأغر”. غير أننا رأينا أنفسنأ مُجبرين على التصدي للسلاح الفلسطيني المُتفلت يوم وجّهَ نيرانه إلى الداخل اللبناني طمعاً بالسيطرة على لبنان كوطن بديل له عن فلسطين. فما جرى في 1975 وما نشهده اليوم، مروراً بأحداث مخيم نهر البارد في أيار/ مايو 2007، التي نخشى تكرارها، يضرّ بالقضية الفلسطينية بالدرجة الأولى. ولذلك ندعو الجيش اللبناني إلى التحرك واستلام زمام المبادرة، ونزع سلاح المخيمات وإخضاعها لسلطة الدولة وسيادتها على أراضيها، والذي هو اليوم مطلب غالبية المدنيين الفلسطينيين أيضاً، خاصة أن البرلمان اللبناني سبق أن ألغى اتفاقية القاهرة ومفاعيلها منذ أيار 1987.
في الشأن الرئاسي، ما موقفكم كمعارضة من الدعوة إلى طاولة عمل كما اقترح الموفد الفرنسي جان إيف لودريان؟
– فرنسا ما زالت تبذل جهودها لتذليل العقبات في هذا الموضوع. فبين مقاطعة فريق لجلسات الانتخاب سابقاً، أو عدم تمكن أيّ من المرشحين، فرنجية وأزعور، في الجلسة الأخيرة من الحصول على الأصوات التي تخوِّله تبوؤ سدة الرئاسة. نحن كحزب “الوطنيين الأحرار” نؤيدُ الدعوة إلى “طاولة عمل” كما اقترحها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، ولكن على أساس ضوابط وأسس ثابتة تتعلق بالسيادة وحياد لبنان عن سياسة المحاور الإقليمية، وعلى أساس تحديد المواصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس العتيد، والتي كنا أول مَن طالب بها بوضوح وبالتنسيق مع بكركي: “سيادي، إصلاحي، لا يكون طرفاً ضد آخر، ويكون حامياً لدستور الطائف ويعمل على تطبيقه بدءاً من اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة كمفتاحٍ للحل”.
هل لديك خشية من انقلاب رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل على تقاطعه مع المعارضة حول جهاد أزعور، والعودة إلى التفاهم مع حزب الله على سليمان فرنجية؟
-لا خشية لدينا. نحن نعرف أن لكل فريق سياسي أولوياته، ولكن الأولوية لدينا في حزب الوطنيين الأحرار، هي اليوم لإنقاذ وطننا. وبرأينا يجب أن يتمتع كل فريق بالحد الأدنى من الحسّ الوطني لانتخاب رئيس للجمهورية ينال الرضى بما يشبه الإجماع حول شخصهِ، وأتمنى على كل فريق سياسي أن يضع المواصفات التي يراها، لنتفق على قواسم مشتركة كانطلاقة. نتمنى لو أن أولويات جبران باسيل تكون اليوم، ولو لمرة واحدة، لمصلحة البلد ولمصلحة المسيحي الذي يدّعي أنه يعمل لاستعادة حقوقه، وليس لمصلحته الشخصية. فبعد أن خبرناه، نعرف أنه يبيع كل شيء وينقلب على أي كان لبلوغ غاياته.
كيف ستنقلب موازين القوى النيابية في حال تأييد باسيل لفرنجية، وهل ستضطرون لتعطيل النصاب لمنع وصول مرشح مدعوم من حزب الله؟
– إن تعطيل الجلسات أتى من فريق معروف حتى الآن. نحن نؤمن بالديمقراطية مهما كانت النتائج، ولا نؤمن بتعطيل نصاب جلسة الانتخاب. آمل من الرئيس نبيه بري أن يقوم بما وعدنا خلال لقائنا به، من الدعوة إلى جلسات مُتتالية حتى الوصول إلى انتخاب الرئيس.
أليس ما يُقايض به باسيل من لامركزية إدارية ومالية، هو لمصلحة اللبنانيين والمسيحيين؟
– لنلتقِ ولو لمرة واحدة مع جبران باسيل في مطالبته باللامركزية الإدارية والمالية الموَّسعة، وكذلك الأمر في التعامل مع صندوق النقد الدولي بجدية، لأنها ربما تكون الفرصة الأخيرة للبنان للخروج من أزمته الراهنة. نحن نأمل ان يكون جبران باسيل صادقاً في طرحه وليس مجرد مناورة أو سعي لمصلحة شخصية كما عوَّدنا؛ فلماذا استفاق باسيل اليوم على مطلب تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة؟ وللتذكير نحن أول حزب طالبنا بذلك.
هل يمكن أن نشهد رئيساً بعد حوار أيلول، أم أن الأزمة أبعد من ذلك؟ وماذا عن التلويح بعقوبات في وجه من يُعطّل؟
– أنا متأكد من أن العقوبات جاهزة لكل المعطلين لمشروع الإصلاحات المطلوبة للبنان، بهدف التأثير على أدائهم السياسي. ونحن نؤيدُ تطبيق أقصى العقوبات بالطريقة والمعايير التي اعتُمِدَت حتى الآن. فبرأينا، إذا وافق الجميع وجلسوا على “طاولة عمل لودريان” يمكننا أن نشهد انتخاب رئيس للجمهورية، وإلا فأمد الفراغ سيطول.
بين 3 و5 آب 2001 حَصَلت مُصالحة الجبل، ماذا تقول في هذه الذكرى، وكيف هي الأجواء في الشوف حاليا؟ وأي دور تلعبونه مع تيمور جنبلاط وهو في رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي؟
– مُصالحة الجبل كانت خطوة ضرورية بعد كل المآسي والتهجير. المطلوب اليوم هو المزيد من الخطوات لتكريس عودة كل مُهجر، ولا يجوز أن يكون هناك مهجرون داخل لبنان. نحن نلتقي مع الحزب التقدمي الاشتراكي على عدة مواضيع تصبُ في مصلحة لبنان وقضاءي الشوف وعاليه بشكل خاص. نعوِّلُ على ما نعرفهُ عن تيمور بك من انفتاحٍ في رئاسته للحزب التقدمي الاشتراكي، ونحن على تواصل دائم لحل أي من المشاكل، انطلاقاً من إيماننا بضرورة إرساء التعايش السلمي على مساحة كل الوطن.
المصالحة أثبتت نجاحها، وأرست للعيش معاً في الجبل بسلام ودون أدنى أحقاد أو شحن للنفوس. وأودُ التذكير هنا، أن أول مصالحة تمّت في الجبل حصلت عام 1984 بمشاركة الرئيس الراحل كميل نمر شمعون، ووليد جنبلاط، والرئيس الشهيد داني كميل شمعون، والتي تمّت في منزل البروفسور أسعد رنو في دير القمر، تلاها غداء في قصر المختارة، ووقّع يومها الزعيمان شمعون وجنبلاط على وثيقة أسست لعودة المسيحيين إلى الجبل.