تحالف متحدون: انتفاضة ثانية لثورة تشرين على الأبواب وغضب المودعين بوجه قضاة الفساد الشرارة
لم يُفلح كل الترقيع والمسكّنات التي تضخّها سلطة الفساد في تخفيف الاحتقان القائم حالياً في نفوس اللبنانيين، فكل ذلك لم يرقَ إلى تصحيح الدورة الاقتصادية أو مالية الدولة أو كان باعثاً على الاطمئنان للمودعين وأصحاب الحقوق وأهالي ضحايا جريمة المرفأ وسائر اللبنانيين، ولا يتطلب الأمر تمرّساً لوضع ما يحصل في إطاره السليم. ببساطة ومنطق إن بيت الداء يكمن في أمر واحد: غياب المحاسبة بسبب فساد المسؤول الأول عن إنفاذها: القضاء.
فليس من مهام المودع أو أي صاحب حق أساساً أن يستوفي حقة بيده طالما أن سلطة دستورية مستقلة مهمتها إعمال المحاسبة وتحقيق العدالة موجودة، إلا إذا استقالت هذه السلطة من مهامها “الدستورية”، فساعتئذ لا تسقط هذه السلطة وحيدة فحسب، بل تسقط الدولة برمّتها. وهذه قاعدة لم يشهد التاريخ على مداه أي قاعدة أكثر تجذّراً منها، فالقاضي هو الذي أقسم اليمين على تحقيق العدل وإحقاق الحق، وهو استحقّ لقب القاضي على هذا الأساس، بوكالة وتمويل من الضرائب التي يؤدّيها الشعب الذي يحكم باسمه. أما أن يستنكف القاضي عن أداء هذه المهام فيصبح فاسداً كالآخرين فلا تبرير له إطلاقاً كون المحاسبة مناطة به دون أي شيء سواها، وفساد القاضي هو كفساد الملح الذي يستتبعه الخراب.
من هنا وانطلاقاً من حس المسؤولية وإيمانا منه بأن فساد القضاء لا سيما قضاء الادعاء العام سيؤدي حتماً إلى انفجار الاحتقان المتراكم بوجه قضاة الفساد قبل أن يكون بوجه من يتواطؤون معهم ويحمونهم من أصحاب المصارف والسياسيين وسيضرب ما تبقى من سمعة للقضاء اللبناني، يهيب تحالف متحدون بكل قاضٍ نزيه بحقٍ سيما من كان قيّماً على انتظام عمل القضاء التصدّي للوضع القائم: تحمّل المسؤولية أم مصارحة اللبنانيين والتنحّي. فلم تعد تجدي الإجراءات الرمادية نفعاً ولم تعد تنطلي المناورات القضائية على أحد، بعد أن بلغ مستوى فساد وتواطؤ عدد من القضاة حدّ الاشتراك الفعلي والمنسّق في سلب وإذلال ونحر المودعين واللبنانيين، فإذا بمن كلّفه الشعب بالمحاسبة أولى بأن يُحاسب وتُعلّق له أحبال المشانق في الساحات العامة، بعد أن خان يمينه ولم يردعه ضمير أو أخلاق أو واجب.
والحال هذه، يهيب التحالف أيضاً بكل لبناني ومودع وصاحب حق من ضحايا الفساد عدم الانتظار أكثر مما انتظر، ما أدّى إلى قتلنا جميعاً ببطء، فقد حان الوقت أن نهبّ معاً يداً واحدة في تحركات صادقة هادفة استفادت من دروس ثورة تشرين ومن بعدها ثورة المودعين، عسانا نبني جسوراً فوق خلافاتنا، الصغيرة مهما كانت أمام المصير الواحد الذي يأخذنا نحوه صمتنا، تنتقل بنا إلى انتفاضة لبنانية نقية حرة تعيد المجد للبنان واللبنانيين قد طال انتظارها.