شريف وهبي يفتح صندوق اسرار انتخابات الـ2001 الكروية
مر أكثر عقدين على “الانقلاب الأبيض” الذي شهدته كرة القدم اللبنانية في ايلول عام 2001 ، حين تمت الإطاحة بحقبة الأمين العام السابق التي امتدت منذ العام 1985 ، حيث شكلت الخطوة هذه بما يشبه الزلزال في هيكل اللعبة الشعبية الاولى، خاصة أنها طوت صفحة طويلة من الإشكالات والاعتراضات، على سياسات رأت فيها غالبية الأندية وجماهيرها أمورا ليست بالمستقيمة.
ولا يختلف اثنان على أن الانقلاب كان إنجازاً لا بل اعجازاً، فلحظة بزوغ فجر لحظة تحقيقه، لم يصدق كثر، بأن تلك الصفحة التي امتدت أكثر من 26 عاماً، مسحت من سجلات اللعبة، ولا شك أن وراء ما حصل الكثير من الخبايا، التي ظلت ملك أصحابها حتى اليوم، غير أن رجل تلك المرحلة بامتياز، شريف وهبي الذي يعتبر “صندوق أسرارها” كشف بعضاً مما لديه من خفايا خلال لقاء مشوق مع الزميل رشيد نصار عبر الـMTV ضمن PODCAST With Rachid، والذي عرج فيه على كشف اسرار أخرى تتعلق بمغريات عرضت عليه في أكثر من مناسبة للانقلاب على رئيس الاتحاد الحالي المهندس هاشم حيدر.
ويشدد وهبي أن ما حصل العام 2001، كان انتفاضة على واقع اللعبة، لافتاً انه لم يكن الوحيد الذي تصدى لها رغم أن الغالبية يرون بأنه قائدها، وأشار بأنه رفض استثمار الخطوة تأكيدا على أنه ليس غاوي مناصب، فأخذ مع شريكه بتلك الحقبة علي احمد قراراً في عدم الترشح، كي لا يقال أننا خضنا معركة للوصول إلى كرسي لم نفكر به أصلاً، بدليل أنه عرضت عليه لاحقاً العديد من المناصب فرفضها، بما فيها رئاسة الاتحاد حيث كان المهندس هاشم حيدر يبادر شخصياً عند كل دورة انتخابية إلى عرض الترشح عليه والتنحي لصالحه، غير أنه كان يرفض، فهو ليس نادماً على خيار وصوله لقيادة اللعبة، كونه كان رأياً سليماً وصحيحاً.
ويفيض ابو عباس بالمزيد من الاسرار، ويؤكد أنه عرضت عليه مغريات غير محدودة للترشح ضد المهندس حيدر، لكنه رفض قطعياً، وقال: “انا لا اباع ولا اشترى، ولا اطعن أحدا في ظهره، سواء في الرياضة أو غيرها، فكيف إذا كان الشخص المستهدف هو السيّد، واصلاً أن المهندس حيدر هو من عرض علي المنصب ولم اقبل، وهنا يطرح السؤال نفسه، لماذا هذا الرفض، والجواب بسيط، لأنه سيكون موجهاً ضد اخ وصديق عزيز لا تراودني مطلق فكرة أن ابيعه يوماً، أخلاقي لا تسمح لي ذلك، عدا أن السيد هو من عرض الأمر علي بكل طيب خاطر منه، فكيف ادخل معركة ضده للوصول اليه، هذا الأمر اكشفه للمرة الاولى، ولم أكن بوارد التطرق إليه يوماً ما، واستغرب كيف عرفت به (موجهاً السؤال لمحاوره)، الموضوع لا يعرفه سواي مع العارض والمرجع الاساس، علماً أنه ليس عرضاً وحيداً، كما أنه عرض تم عن طريق المواربة، وتمثل بكونه عبارة عن الاستعداد لتمويل كامل لمصاريف حملة الترشح كما احتياجات اللعبة خلال الولاية التي ستلي الانتخابات”.
ولفت وهبي أن ما فعله هو سُنة حياته، ولم ولن يحيد عنها يوماً، علماً أنه لا يسعى إطلاقاً للمناصب، مستشهداً بما حصل معه في نقابة المقاولين اللبنانيين حين انتخب أميناً عاماً، كما وصوله لنيابة رئاسة اتحاد مقاولي الدول الاسلامية، وقال إن ذلك تحقق تلقائيا بسبب العلاقات التي نسجتها مع الدول الاسلامية وعلى راسها السعودية بصفتها دولة المقر والرئيس، كذلك الاخ الكبير والعزيز علي السنافي رئيس الاتحاد العربي، لذا المفترض استثمار علاقات لبنان في التواصل معها على مختلف الصعد كما مع كل البلدان الخليجية الشقيقة كالإمارات وقطر، فهي لم تقصر يوماً تجاهنا، وبحال عرضنا عليهم احتياجاتنا كروياً حكماً لن يقصروا، فتواجدنا في المواقع الخارجية يفترض أن نجيره، وتابع: “مندوب الاردن في اتحاد مقاولي الدول الاسلامية، أبلغني عن تنظيم مؤتمر طبي رياضي في عمان، ونظرا لمعرفته بخلفيتي الرياضية، وان حب الرياضة يتملك عقلنا ويسري في دمنا، أبلغني ادراج اسم لبنان في المؤتمر، لذا يفترض أن نعمم هذا الأمر في كل المجالات ومنها الرياضية”.
وعاد وهبي بالذاكرة إلى معركة الـ2001، وقال: “نحن لم نبدأ المعركة ولم نكن يوماً في وارد القيام بهكذا خطوة، لكن الافتراء هو الذي جرنا اليها، انتفضنا بوجه الظلم، ولم نقم بهذا عشوائياً، بل استندنا للعلم والاستعانة بالخبراء كما وضعنا خططاً ودراسات تحاكي واقع اللعبة بكل مندرجاتها وكافة تفاصيلها، لم يكن هدفنا إطاحة أشخاص والاتيان باخرين، بل الانقاذ، كانت لدينا صداقات مع رهيف علامة ومحمود الربعة، وغيرهم”.
ورداً على خبرية العرض الذي تلقاه لمقايضة تثبيت لقب بطولة الدوري التي أحرزها التضامن (جرد منها لاحقاً) بالكأس، قال: “خلال احدى الجلسات الساعية للم المشكل، بحضور رهيف علامة والنائب وضاح الصادق (اداري الأنصار حينها)، والعزيز عماد الخطيب، عرض علينا الأمر فرفضناه رفضاً مطلقاً، حتى وضاح انتفض معارضاً بعدما فوجىء بهذا العرض، وشدد بأنه لا يقبل بطولات لناديه بهذه الاساليب، كانت جلسة عاصفة، حتى أن وضاح والخطيب، كانا اقسى منا تجاه رهيف علامة”.
وتطرق إلى الاتهامات التي طالت ناديه وأدت لحضور لجنة التحقيق الدولية التي أوفدها الفيفا، وقال: “الاتهام الأبرز كان مستند موقعاً من اللاعب السوري سمير بكري، يتهمنا فيه بأننا عرضنا عليه شراء أحد المباريات، وحين تمت مواجهتي به، تبين أنه لا يعرفني ولم نلتقي يوماً، وهنا استغرب العميد فاروق بوظو، واسهب باستجواب بكري الذي اعترف أنه امي لا يجيد الكتابة والقراءة ولا حتى توقيع اسمه، فصدم العميد بوظو، واستفهم منه عن دوافعه للقيام بهكذا فعل، فطلب الحماية للاعتراف، لانه مهدد بالايقاف وحجز توقيعه الدولي، ولما اعطي الامان قال إنه لا يعرف شيئاً عن ذلك المستند ولا يعرف ما يتضمنه، والتوقيع عليه ليس له”.
وعن اتهام نادي التضامن وما أشيع عن تحريض لاعبيه على التخاذل مع المنتخب الوطني، نفى ذلك بشدة، وقال إن المسؤولين عن المنتخب اخترعوا تلك الاوهام، لتغطية فشلهم الذي كان واضحاً في كأس آسيا، وامتد هذا الفشل إلى تصفيات مونديال 2002، ورداً على تلك المزاعم، قام مع علي احمد بزيارة اللاعبين في معسكرهم في فندق السمرلند، ووعدوهم بمكافآت مجزية، وخاصة لاعبي التضامن، وعندما نشر الخبر في اليوم التالي، وجه اللوم إلى مدير المنتخب يوسف برجاوي على نشر الخبر من جانب زميله اسماعيل حيدر “والذي أدى لضرب تلك الإشاعة وافشل كل الاتهامات المزعومة التي وجهت الينا”.
ولفت وهبي أن ما حكي عن مباراة التضامن مع هومنمن وتسجيل هيثم زين لهدفين كان مبالغاً فيه وغير منطقي، فهو لاعب هداف ولا يحتاج لاي معونة، كما أن التضامن فاز باللقاء، فكيف يكون هناك تلاعب واتهامات، علما بأنه وفي نفس التوقيت كان أحد لاعبي الاخاء يسجل تسعة أهداف “وطلع براءة!”، وتساءل: “كيف يوقف يوسف بعلبكي ولم يكن بالملعب، ولماذا كان الاصرار على عرقلة احتراف رضا عنتر ويوسف محمد والذي لم يكن ليتحقق لولا استعانتنا بمراجع دولية”.
واعتبر أن ميساك نجاريان ظلم، فهو من اعمدة كرة القدم، متمنياً عودة فريقي هومنمن وهومنتمن لسابق عهدهما، فلهما ولجمهورهما نكهة مميزة بالملاعب، وآمل أن تتغير عقلية إدارات الأندية قياسا لتجربته في التضامن،
وقال: أن المشكلة الأساسية مع التضامن كانت عدم فتح الجمعية العمومية وإغلاق السبل في التفاهم على مستقبل النادي، نحن أردنا الانتقال به ليكون نادياً بحجم الوطن، لكنهم أصروا أن يبقى نادياً للضيعة وعلى قد ايدهم”، مشيرا أن مشكلة اللعبة في انديتها، وان الأخيرة مسؤولة عن تأمين الملاعب، وفق لائحة الشروط المطلوبة منها، وأثنى على جهود النائب وضاح الصادق للاستثمار بالملاعب، ومنوهاً بقيادة تميم سليمان للعهد ومازن زعني للنجمة وسمير دبوق لشباب الساحل، وقال إن لديه صداقات معهم، كما مع قيادات كروية امثال جهاد الشحف “ابو فراس” معتبراً إياه العمود الفقري لانتفاضة الـ2001، وضمانة للعبة في كل الحقبات، كما أعرب باعتزازه بكل الصداقات المستمرة، فهناك علاقات مع عائلة الشهيد ابو طارق العرب بدأت من كرة القدم، كما مع ريمون سمعان (صمام الأمان) والحاج محمود الربعة وموسى مكي، وقبلان وفيرا يمين، ونوه: “ابتعدنا عن اللعبة كي تحافظ على صداقتنا مع الجميع وعلى امتداد الوطن”.
وتطرق إلى ميوله الخارجية وعشقه لنادي ريال مدريد، ولقاءه مؤخراً مع زين الدين زيدان حيث تابعا سوياً في ايطاليا نهائي الدوري الاوروبي، كاشفاً كيف كان زيزو متحمساً لخسارة روما ومدربه مورينيو أمام اشبيلية، وأكد عدم عودته إلى “النادي الملكي” ورفضه العرض السعودي، ولفت إلى أن ريال سيمر بمرحلة انتقالية تأسيسية في العامين المقبلين، مشيراً إلى أنه علم من زيدان بانتقال الفرنسي كريم بنزيما إلى السعودية وقبل كشف الخبر بـ24 ساعة، واستغل الحديث للإشادة بالانطلاقة الصاروخية للكرة السعودية، والتي بدأت بابهار العالم نتيجة التخطيط المدروس والسليم، طالباً استغلال علاقات لبنان للافادة من ذلك، فهناك علي ياسين الذي يمكن استثمار قربه من رجالات الرياضة في المملكة، وكذلك سمير شمخة الممتلك لشبكة واسعة من العلاقة مع نجوم عالميين.
وثمن في ختام الحوار النقلة النوعية التي وفرتها الـMTV لكرة القدم اللبنانية، واعتبرها داعماً اساسياً لنهضة اللعبة، مشيداً بأسلوبها الترويجي، لدرجة أنها دفعته لمتابعة عدد من مباريات كرة السلة، تلك اللعبة التي لم تكن تعني له شيئاً، واعتبر المحطة علامة فارقة في الاعلام اللبناني والعربي.