تحالف متحدون: المودع باسكال الراسي وزوجته فاليري كادا أن يُقتلا أمام منزل نديم القصار أمس، فما الذي حصل؟
حوالي الحادية عشر من قبل ظهر يوم الجمعة ٢٤ آذار ٢٠٢٣ وصل المودع في مصرف BLC الدكتور باسكال الراسي وزوجته فاليري فوييه من التابعية الفرنسية أمام منزل مدير عام مجموعة فرنسبنك ورئيس مجلس إدارة ومدير عام مصرف BLC نديم القصّار في محلة الجناح، برفقة عدد قليل من المودعين والمحامين، حيث كان القسم الأكبر من المودعين يشارك في التحرك الاحتجاجي أمام مصرف لبنان. كان الراسي ــ الذي اضطر إلى إقفال عيادته وإلى العيش وزوجته بضيق شديد من جراء احتجاز وديعته ــ قد حضر إلى فرع BLC في انطلياس مراراً من قبل، مطالباً بوديعته دون جدوى، مما اضطُرّه مرّة إلى تكبيل يده داخل مبنى الفرع معترضاً كمسالم أعزل، انتهت إلى قطع وعد له من المصرف بدفع جزء من وديعته. لكن هذا الوعد، كما بقية وعود المصارف، لم يعرف إلى التنفيذ سبيلاً.
كان باسكال وفاليري قد لجآ إلى جمعية صرخة المودعين ثم إلى تحالف متحدون طلباً للمساعدة. عدا عن المساندة أمام فرع BLC في انطلياس، أخذ محامو التحالف على عاتقهم التكفّل بالمساعدة القانونية، فأرسلوا كتب الاحتجاج والإنذار إلى المصرف تطالبه بالدفع والتي تبلّغها لكنها بقيت دون جواب، قبل أن تُرفع شكوى جزائية بالإفلاس الاحتيالي على المصرف وأصحابه ما تزال تتوسل طريقها في القضاء عسى أن تصل بالثنائي الفرنسي إلى أي إجراء واجب رادع للمصرف، في وقت لم تتوقف حاجتهما الحياتية الملحّة للمأكل والملبس والملجأ والطبابة. بمعنى آخر، فقد قاما بكل ما يمكن فعله للصمود أحياء، ولو أذلّاء والحال هذه، قبل أن يلجآ أخيراً إلى محاولة استيفاء حقّيهما تحت سقف القانون عملاً بحق الدفاع المشروع سنداً للمادة ١٨٤ من قانون العقوبات.
كان باسكال وفاليري قد أخّرا محاولة الدخول إلى بيت القصّار إلى وقت يمكّنهما من الاستفادة من مساندة المودعين المحتجّين في الحمرا لهما بعد فراغهم من تحرّكهم هناك. وبالفعل، قرّرا انتظار قدوم هؤلاء للوقوف إلى جانبهما، بعد أن تعرّضا ــ رغم أنهما كانا أعزلَين ومسالمَين بالكامل لدى المطالبة بمبلغ وديعتهما ــ لتعنيف شديد بلغ حدّ دفع باسكال أرضاً وتعرّضه للّبيط بالأرجل ولشدّ رباط شعار الجمعية حول عنقه بقوة كادت تخنقه بعد دفع فاليري جانباً بخشونة، ثم قالوا له (عُرف منهم محمد رميتي وعبده جارودي) أثناء دفعه ووفاليري خارجاً: “روح جيب مصرياتك من نجيب ميقاتي”، فأجاب: “مصرياتي حطّيتن عند مسيو القصّار”.
ليس هذا فحسب. بقي باسكال وفاليري أمام بوابة المبنى الرئيسية لمدة ساعتين ينتظران وصول المودعين بعد انتهاء تحركهم في الحمرا، لا سيّما بعد تواصل عدد منهم معهما، “جايين، على الطريق”؛ لكن لم يحضر أحد باستثناء مودع واحد (ح. ر.) كان لتدخّله دور فصلٌ:
حضر شابان أحدهما ضخم البنية في سيارة بداخلها سلاح بنيّة الاعتداء على باسكال وفاليري، بعد أن كان حضر إلى المكان عناصر من قوى الأمن وشعبة المعلومات. ترجّلا، أحدهما بيديه مسدّس والآخر سكّين، وتبدو آثار فقدان الوعي والتهيُّؤ لفعل الشر عليهما نتيجة تعاطيهما عقاقير ما. توجّها إلى الثنائي الفرنسي بهدف التسبب بأذيّتهما (أحدهما قال أن اسمه حسين عواضة)، غير أن تدخّل المودع المذكور وأفراد القوى الأمنية حال دون ذلك، ولو بصعوبة، قبل مغادرة المكان.
باسكال وفاليري لم ولن يستسلما وسيتقدّمان بشكوى أمام القنصلية الفرنسية في لبنان، وسيعودان إلى منزل القصّار للمطالبة بأموالهما لديه عسى أن يحظيا هذه المرّة برفقة مودعين كثر يعانون مثلهما. ثلاثة معتدون أساساً على أموالهما وحياتهما: المدّعى عليهم نديم القصار والمدير العام المفوض بالتوقيع عن BLC بسام حسن ومدير فرع انطلياس توفيق أبو جودة، برسم القضاء. مدّعى عليهم معتدون جدد بعد الحادثة، سيتولى محامو التحالف ملاحقتهم قانوناً.
ختاماً، يبقى الأهم: أموال المودعين لدى أصحاب المصارف، بشكل مؤكد، وهم يحتمون الآن بمرتزقة الشارع ودورهم المعهود. أليس الأحرى أن يصبح هؤلاء الهدف الأول للمودعين، بدل ــ أو على الأقل مع ــ الاحتجاج والصراخ في الشارع؟ ألم يحن الوقت كي نتعلّم، مودعون وثوّار ولبنانيون، من أخطاء الماضي القريب وأن يكن الهدف المرجو نصب أعيننا وليس أي شيء آخر يُبعدنا عنه؟ إلا إذا أريد لثورة المودعين أن تراوح مكانها دون بوصلة تعيد للمودع حقوقه وأن تكون “فشّة خلق” فقط!