اللواء عثمان أصدر أمرًا عامًا لمناسبة عيد قوى الأمن الداخلي الـ “162”: “أتوّجه إليكم أيها الأبطال، خصوصًا في هذا الوقت الحسّاس، أن تَثبتوا على قسَمكم، وتؤكّدوا للناس أنّكم خير من يعتمدون عليه، في حفظ الأمن والنظام”.
ها نحن ندخلُ في العيدِ الثاني والستّين بعدَ المئةِ لمؤسّسة قوى الأمن الداخلي، والتي ما زالت بضبّاطها وعناصرها أمل الناس وثقتهم في أن يسود الأمن ربوع الوطن كلّه.
يا أبطال قوى الأمن الداخلي،
كما تعلمون، إنّ الأمنَ معيار ثابت لاستقرار الدّولة، مهما بلغ تقدّمها وازدهار قطاعاتها، فالأمن المستتبّ يسمح لخطط التعافي والنموّ بأن تتحقّق، وفق الرؤى الموضوعة لها.
إنّ قوى الأمن الداخلي، تعي دورها جيّدًا في هذا الجانب، خصوصًا في هذا الوقت الراهن الذي يعيشه لبنان، في ظلّ الأزمة الاقتصادية والمالية، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وعجز الدولة عن إيقاف تداعيات هذه الأزمة التي ترافقها الأزمات السياسية المتلاحقة عند كلّ استحقاق.
من هنا، أتوّجه إليكم أيها الأبطال، خصوصًا في هذا الوقت الحسّاس، أن تَثبتوا على قسَمكم، وتؤكّدوا للناس أنّكم خير من يعتمدون عليه، في حفظ الأمن والنظام، انطلاقًا من الثقة التي يراهنون بها عليكم، ولا سيّما أنّهم باتوا متأكّدين أنّكم في واجهة من يتصدّون للإرهاب، ويلاحقون المطلوبين، أنتم من تواكبون أمنهم في الطرقات ليلًا نهارًا، وعيونكم ساهرة على أمنهم وأمن أولادهم أينما كانوا، وإن كنتُم من بين أكثر الفئات المتضرّرَة من الأزمة الاقتصادية، بسبب تدنّي قيمة رواتبكم، وتقليص الخدمات الاستشفائية والطبّية التي هي حقّ لكم ولعائلاتكم وأهلكم، بمقابل ازدياد المهامّ الموكلَة إليكم مع تفاقم الأزمات، ولكنّهم يدركون في صميم أنفسهم أنّكم جاهزون لكلّ تضحية في سبيلهم، كما عهدوكم، رجال بأس أشدّاء، ذوي كفاءة.
تعلّمتم من الأزمات التي يعانيها لبنان مؤخّرًا، كيف تحافظون على صبركم، وتعالجون المسائل بذكاء وحرفية، بالمهارات والقدرات التي خبرتموها في تدريباتكم، بعيدًا من الاستنسابية، وفق القوانين والأنظمة، ووفق مبادئ حقوق الإنسان، بأعلى معايير الأخلاق، لا تفرّقون بين أحد، تتعاطون مع الناس بما يستوجبه الحقّ واللياقة والتعاون، وشعاركم “معًا… نحو مجتمع أكثر أمانًا”.
لا يخفى عليكم، أنّ كثيرين يحاولون التصدّي للدولة، من خلال ضرب مؤسّساتها، وفي كلّ مناسبة أذكّركم بالتحصّن بوطنيّتكم وانتمائكم، فالمتربّصون شرًّا، يُراهنون على الفوضى والإخلال بالأمن، خصوصًا في ظلّ التحدّيات الصعبة التي تنتظرنا جميعًا، وهذا ما لا مساومة عليه إطلاقًا.
يا رفاق السلاح
إنّ الخدمة التي تقومون بها، لا يمكن الاستغناء عنها، فهي أساسية في حياة الناس، والتاريخ أثبت مدى حاجة المجتمع إليكم في جميع الأحوال، فمن دونكم كيف تستقيم الحياة الاجتماعية؟ وكيف يأمن الناس الخروج من منازلهم، وممارسة حياتهم الطبيعية؟
ابقوا العين الساهرة على وطنكم، فقوّتكم في انضباطكم ومناقبيّتكم، والتزامكم القوانين التي تحكم عملكم، كما استلهامكم من الشهداء الأبطال الذين ضحّوا بحياتهم في سبيل وطنهم ومؤسّستهم الأمّ.
ونحن، بالإضافة إلى أخذ الدروس من تاريخ هذه المؤسّسة، نعيش التفاعل اليوميّ مع الأمن، بتسطير الإنجازات الأمنية المتوالية، ككشف الشبكات الإرهابية والتجسّسية وتوقيف أفرادها، والتصدّي للجريمة السيبرانية، وملاحقة المطلوبين بجرائم التعدّي والسرقة وتوقيفهم، وتجارة المخدّرات التي تهدّد أبناءنا، وتوقيف المتورّطين فيها… وغيرها، ممّا يبعث على الاطمئنان إلى أنّ هذه المؤسّسة ما زالت قادرة على القيام بدورها في مجال الأمن، الأمر الذي يعكس مدى وعيكم، ودرجة حسّكم الوطنيّ، وغيرتكم على وطنكم وعلى الناس الذين تعدّونهم بمقام أهلكم.
قد لا يستطيع الفرد الواحد أن يُحدث تغييرًا، ولكن من المؤكّد أنّنا حين نتكاتف جميعًا، وننضبط في صفّ واحد، ونصمد في وجه الصعاب، نستطيع أن نتجاوز كلّ المحن، ونتخطّى كلّ العوائق، وندفع بمؤسّستنا نحو التطوّر، ونحو الأفضل.
عشتم عاشت قوى الأمن الداخلي، عاش لبنان.