تحالف متحدون: لقاء مثمر بين محامي متحدون ومنصوري حول سبل معالجة قضية المودعين: نزع الذرائع تمهيداً للحل أو المواجهة
عُقد ظهر اليوم ٧ آب ولقرابة الساعة والنصف لقاء في مبنى مصرف لبنان جمع حاكم المصرف المركزي بالوكالة وسيم منصوري ومحامي تحالف متحدون رامي علّيق وجورج خاطر ويسرى عمر يرافقهم المحامي حنا البيطار، حيث تمثّل عنوان اللقاء بالسؤال الأساسي الذي حمله المحامون إلى حاكم المركزي: ما السبيل كي تعود للمودعين حقوقهم كاملة وفي مهلة معقولة؟
تمحور اللقاء الذي اتخذ طابعاً موضوعياً ومهنياً في العمق حول تحديد المسؤوليات عمّا حلّ بالمودعين وباللبنانيين بشكل عام من أزمة اقتصادية ونقدية، قبل الانتقال إلى استعراض الحلول الممكنة وجدواها وإمكانية المساهمة فيها كلّ من موقعه. وقد تطابقت وجهات النظر لجهة تحديد المسؤولية ما بين المصارف التي استلمت أموال الودائع في الأساس والمصرف المركزي الذي أشرف على انتقالها من حسابات المودعين في المصارف إلى حسابات المصارف لدى المركزي، قبل أن يستقرّ جزء كبير منها لدى الحكومة والمسؤولين فيها، حيث تبقى المصارف مسؤولة أمام المودعين إن لم تقم قانوناً أو قضائياً بتحديد المسؤولية على المركزي و/أو الدولة، ما لم يحصل فعلياً حتى الآن لا من جهة المصارف اتجاه المركزي ولا من جهة الأخير اتجاه الدولة.
ولدى استعراض المعضلات الحالية التي تتخطى أموال المودعين فحسب لتطال سلامة الأوضاع النقدية والمالية والاقتصادية في الصميم، كان لافتاً الاستياء الكبير الذي أبداه منصوري لناحية الطرق المتبعة أساساً في إدارة شؤون الناس لا سيما الشق المتعلق بالمالين العام والخاص، إذ أكّد على مسؤوليته منذ لحظة تعيينه كنائب حاكم أول في ١٠ حزيران وليس قبلها، وذلك في معرض التطرّق إلى الادعاء على كافة أعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان بموجب دعوى التحالف وشركائه العالقة أمام قاضي التحقيق الأول في البقاع بالإنابة أماني سلامة، مشدداً على تأثير “عشرات الكتب” الصادرة عن نوّاب الحاكم الأربعة مجتمعين مذّاك رغم “عدم التزام رياض سلامة لا بقرارات ولا بمحاضر المصرف المركزي” والتي أيّد رفع السرّية عنها، ومثنياً على وجه الخصوص على أثر “التعميم ١٥٤” الصادر في أيلول ٢٠٢٠ لجهة تمكين المصرف المركزي من تأمين ملاءة نقدية من خارج أموال المودعين وما يمكن إنجازه أكثر بهذا السياق.
أما ما كان الأكثر تمسّكاً به حاكم المركزي بالوكالة فهي أمور أربعة:
الأول، عدم الرضوخ لطلبات تمويل الحكومة والوزارات بتاتاً كونه لا يتمّ إلا على حساب أموال المودعين ــ “حتى لو صوّبوا مسدساً إلى رأسي”، متسائلاً بأي حق كان يصرف ٨٠٠ مليون دولار منها شهرياً خلال الأزمة، ناهيك عن “تهريب” ٣٥٠ مليون دولار في الـ ١٥ يوم قبل انتهاء ولاية سلامة فقط.
الثاني، طرح ماذا لدى المصرف المركزي من أموال بشكل علني وشفّاف، بما فيها الذهب، خلال أيام، باعتبار أنه من حق الناس أن تعرف الحقيقة وسط التكاذب الحاصل.
الثالث، المحافظة على سعر الصرف باعتبار أن منصّة صيرفة باتت غير موجودة فعلياً، سيّما عن طريق التدخل في السوق من خارج أموال المودعين وعلى غرار التعميم ١٥٤ المشار إليه.
الرابع، ضرورة التسلّح بقوانين لأداء مهامه، وهذه مسؤولية المجلس النيابي، الممزّق حزبياً للأسف بما لا يخدم مصلحة اللبنانيين إطلاقاً.
وعليه فقد بدا منصوري على مسافة قريبة من معاناة المودعين وسائر اللبنانيين. هذا على الأقل ما رشح نظرياً عن اللقاء، في مقابل حال الإنكار التي يعيشها أصحاب المصارف والمسؤولين في الدولة والذين امتهنوا البذخ والترف من سرقة أموال المودعين والشعب اللبناني دون رادع أو رقيب. وهذا ما يضع تحالف متحدون حتى الآن على مسافة أقرب إليه خدمة لقضية المودعين وحقوقهم، إلى أن تتمخض الأقوال أفعالاً واضحة ــ حيث لمحامي التحالف باع طويل ــ ويُبنى على الشيء مقتضاه: إما حلول ملموسة تحفظ الحقوق ودعم لمسارها، وإما مفترق طرق يفضي إلى مواجهة مفروضة لا مفرّ منها.
في المحصّلة، تبقى المحاسبة، التي أخرجها منصوري من اختصاصاته وربطها بالقضاء، هي الأساس لتحديد المسؤولية عن ٧٠ مليار دولار تعود للمودعين. ويبقى “نظام الإفلاس” البديل المنطقي الوحيد لاستعادة الودائع في حال فشلت المبادرات الجديدة، وهذا أيضاً لدى القضاء، والرجل أعرب عن استعداده للمساعدة في كل ما يطلبه القضاء أصولاً. وهنا، وبموازاة لقاءات أخرى يعقدها محامو التحالف بهدف التصدّي لـ “القضاء الفاسد”، يكمن بيت القصيد: فرصة أخيرة للتعاون والحل؛ أو انتفاضة قاسية لاستعادة الحقوق لا تكون إلا بإدارة أصحابها، عساها تمهّد لثورة استعادة وطن غدت فيه الحياة تشبه كل شيء إلا الحياة، لا تكون أيضاً إلا بإرادة شعبه.